اهتم الاسلام بالأسرة اهتمامًا كبيرًا، ووضع تشريعات وقوانين وأسس تأكد على ضرورة التكوين السليم للأسرة، وتأسيسها التأسيس القويم، وحميتها من الأمور والأفعال التي قد تؤثر عليها، وعلى مسارها، فكانت المحبة والتفاهم والتعامل الجيد والطاعة ما بين الأب وأبنائه، وما بين الأب والأم بأسلوب جيد، وسليم يعتمد على حسن الخلق والطباع الحميدة الفضيلة.
لقد ركز الإسلام على الأمور التي تجعل من الأسرة المسلمة أسرة قويةً متماسكةً؛ لأنّها أساس قوة المجتمع المسلم، فالأسرة القوية والمستقرة والمتماسكة تشكل قاعدة قوية لبناء المجتمع القوي والسليم، ولا يتعارض مفهوم تنظيم النسل في الأسرة المسلمة بما يتوافق مع مصلحة المجتمع المسلم، فاذا كان تنظيم النسل في الأسرة المسلمة يساعد على بناء مجتمع تنموي وقوي وصحي فمرحبًا به.
علينا أن نسلم بأنّ الدعوة التي تدعوا إلى تنظيم الأسرة المسلمة لا يجوز أن تكون دعوة إلى محاربة الزواج والنسل والذرية بحد ذاتها، وعلينا التسليم بأنّ حب الولد والذرية حب فطري لا يمكن أن تقهره تلك العقبات المصطنعة والموضوعة في طريق النسل، فوجود الذرية بين البشر أمر واجب لا بد منه، ولا يمكن أن يمنعه عواقب توضع في طريقه، ولكن القرآن الكريم والسنة النبوية توجهنا إلى أن تكون الذرية صالحة طيبة ونافعة منتفعة.
وبالذرية الصالحة والنافعة تكون قرارة العين، أي طمأنينة النفس وهدوؤها واستقرارها، فقد طلب ذلك بعض الأنبياء بدعائهم ربهم فقالوا: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين".
ولا يشك عاقل أن الزوج هوا مفتاح الذرية، فقد اشترط الاسلام على الرجل أن يكون قادرًا مقتدرًا على تبعات الزواج، وإلّا فقد طالبه بالانتظار حتى تتوفر له المقدرة.
أمّا عن تعريف تنظيم الأسرة:
يعرف تنظيم الأسرة بأنّه إيجاد فترات متراوحة ومتباعدة بين مرات الحمل بطريقة مشروعة لا غبار عليها غير ضارة للداع الذي يدعوا إليها.
والحديث عن موضوع تنظيم النسل قديم ليس بالجديد، فقد تحدث عنه بعض العلماء كابن القيم والغزالي وغيرهما، وقد وضعوا بعضًا من الشروط التي قد تتسبب في هذا الأمر:
1. أن يكون هناك مانع معين، كالمرض المعدي عند أحد الزوجين أو كلاهما.
2. أن يكون هناك خوف على صحة أحد الزوجين وخاصةً الزوجة بسبب الحمل المتتالي.
3. قد يكون بسبب الضعف الاقتصادي أو عدم المقدرة في رعاية الزوج للأسرة.
فان كان تنظيم النسل في الأسرة لأحد تلك الأسباب أو غيرها من الأسباب، كتربية الأبناء التربية السليمة أو الحرج من كثرة الأولاد وعدم المقدرة على رعايتهم ومتابعتهم والتعب منهم ونحوه.
وقد تكلم الامام الغزالي عن حكم منع الحمل، وقد كان في عهد الصحابة -رضوان الله عليهم- عن طريق العزل، والعزل كان في عهد الصحابة عن طريق عدم التقاء اللقاح ففي قول رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- خير شاهد ودليل على جواز تنظيم الأسرة فقد قال: "لا يعزل عن الحرة إلّا بإذنها".
وفي هذا جواز للعزل وتنظيم النسل في الأسرة ولكن باتفاق الزوجين معًا وعدم معارضة أحدهما.