كان الشاعر العراقي معروف الرصافي جالسًا في دكان صديقه، وإذ بامرأةٍ فقيرةٍ تريد
رَهن طبق؛ لشراء الطعام ، ولكنّ صاحب الدكان رفض، فلحِقها الرصافي ، وأعطاها
كل ما في جيبه ، وعاد إلى بيته ، وقلبُه يعتصر من الألم ، ولم يستطع النّوم ، وكتب
قصيدةَ، والدموعُ تنهمر من عينيه، يقول فيها :
الأرملةَ المرضعة
لقيتُها ليتني ما كنت ألقاها
تمشي وقد أثقلَ الإملاقُ ممشاها
أَثوابُها رثَّةٌ والرِّجْلُ حافيةٌ
والدمع تذْرِفُه في الخدِّ عيناها
بكت من الفقرِ فاحمرَّت مدامِعُها
واصفرَّ كالوَرْس من جوعٍ مُحياها
مات الذي كان يحميها ويُسعِدُها
فالدّهرُ من بعدِه بالفقرِ أشقاها
الموتُ أفجعها والفقرُ أوجعها
والهمُّ أنحَلها والغمُّ أضناها
فمنظرُ الحزنِ مشهودٌ بمنظرِها
والبؤس مرآهُ مقرونٌ بمرآها
•••
تمشي وتحملُ باليُسْرى وليدَتها
حَمْلًا على الصَّدْرِ مدعومًا بيُمناها
قد قمَّطَتها بأهدامٍ مُمزَّقةٍ
في العينِ منشرِها سَمِجٌ ومَطواها
ما أنسَ لا أنسَ أني كنتُ أسمعُها
تشكو إلى ربِّها أوْصابَ دُنياها
تقول: يا ربُّ لا تترك بِلا لبنٍ
هذي الرضيعةُ وارحمني وإيّاها
يا ربُّ ما حيلَتي فيها وقد ذبُلت
كزهرةِ الرَّوضِ فَقْدُ الغيثِ أظماها
_ من ديوان الأناشيد المدرسية للشاعر العراقي / معروف الرصافي