" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ
يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيم*قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا
بِهَا كَافِرِينَ " سورة المائدة : آية 101 و102 : مدنية.
فى هذه الآيات تأديب من الله تعالى لعباده المؤمنين ونهى لهم عن أن يسألوا عن أشياء
مما لا فائدة لهم فى السؤال والتنقيب عنها لأنها إن أظهرت ربما ساءتهم وشق عليهم
سماعها وإن تسألوا عن هذه الأشياء التى نهيتم عن السؤال عنها حين يُنزل القرآن
على النبى تبين لكم.
قيل فى سبب نزول الآية الأولى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما نزلت
آية "وَللهِ عَلى الناسِ حَجُ البَيتِ" قالوا يا رسول الله أفي كل عام فسكت ثم قالوا أفي
كل عام فسكت ثم قال في الرابعة لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله تعالى هذه الآية.
معنى الآيات : أن هذا نهي عن السؤال ونحن نعرف أن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم
عندما أخذوا يماطلون في أمر ذبح البقرة وتساءلوا عن لونها ولو أنهم ذبحوا أي بقرة
لكانت مقبولة منهم لكنهم شددوا فشدد الله عليهم.
وتوضح الآية أن الله تعالى أراد أن يخفف من أسئلة الناس في الأمور التي تؤدي بهم
إلى المشقة والتعب وتسيء إليهم وتقبل الحق سبحانه من رسوله أسئلة المؤمنين عن
القواعد الشريعة مثل سؤالهم عن الخمر والأهلة والحيض والشهر الحرام وغيرها.
وأما الأسئلة الأخرى فقد قال الله تعالى عنها" عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ"أى أن
البعض استمرأ السؤال وكأنه يمتحن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولذلك جاء الأمر
بألا يتعمد المؤمنون السؤال عما ستره الله عنهم كي لا ينفضح عرضهم فإن نزل
القرآن وهو يحمل الإجابة كان بها وإن لم تأت الإجابة فلا يقولن أحد إن النبي ليس
عنده جواب أو هي سؤال عن الأشياء التي اقترحوها ادعاء منهم أنها تثبت صدق النبوة.
ويقول الله تعالى فى الآية الثانية " قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ"والحق
لم يرسل هذه الآيات رحمة بمن سألوا الرسول عنها فقد سأل قوم عن ناقة وعقروها
فأبادهم الله فكانت سنة الله مع خلقه إن اقترحوا هم آية ولم يصدقوها فإن الحق يهلكهم
أو يعذبهم ، إذن فالأسئلة التي سألوا عنها لم يجبهم عنها لأنه سبحانه قد عفا عنها فإن
عفو الله تعالى من مغفرته ورحمته.
ما يستفاد من هذه الآيات أن كثرة السؤال قد تؤدى بالإنسان إلى المشقة بإلزامه بما لم
يكن ملزما عليه