صالح المحلاوى
اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
| موضوع: القرآن الكريم والمنهج الارادى العملى فى العقيدة الاسلامية... الخميس 25 أبريل 2013 - 13:49 | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة === القرآن الكريم والمنهج الارادى العملى فى العقيدة الاسلامية الإرادة البشرية مخاطَبة في الإسلام منذ اللحظة الأُولَى التي يتعرض فيها الإنسان للإنذار ثم لعوامل تصديق الرسول. واستجابة الإرادة لهذا الخطاب هي (التسليم) أو الاستسلام: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83]. وفي هذا يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي – رحمه الله -: (ولا يثبتُ قدَمُ الإسـلام إلا على ظهر التسـليم والاسـتسـلام؛ فمن رام عِلْم ما حُظِر عنه عِلمُه، ولم يقنع بالتسليم فَهْمُه، حَجَبَه مرامُه عن خالصِ التوحيد وصافي المعرفة وصحيحِ الإيمان، فيتذبذبُ بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار؛ موسوساً تائهاً شاكّاً زائفاً؛ لا مؤمناً مصدِّقاً ولا جاحداً مكذِّباً)[6].ويقول الإمام العلاَّمة ابنُ السَّمْعَانِي – رحمه الله -: (الأصلُ في الدِّين الاتِّباعُ؛ والعقولُ تبعٌ؛ ولو كان الدين بُني على المعقول وجب ألَّا يجوز للمؤمنين أن يقبلوا أشياء حتى يعقلوا. ونحن تدبَّرنا عــامة ما جاء في أمر الدِّين: من ذكر صفات الله - عزَّ وجلَّ - وما تعبَّد الناس من اعتقاده؛ وكذلك ما ظهر من بين المسلمين وتداولوه بينهم وتناقلوه عن سلفهم إلى أن أسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ذكر عذاب القبر وسؤال الملَكين... أمور لا تُدرَك حقائقُها بعقولنا، وإنما ورد الأمر بقَبولها والإيمان بها؛ فإذا سمعنا شيئاً من أمور الدِّين و عَقَلناه وفهمناه، فللَّه الحمد في ذلك والشكر ومنه التوفيق، وما لم يمكننا إدراكه وفهمه ولم تبلُغْه عقولُنا آمنَّا به وصدَّقنا واعتقدنا أنَّ هذا من ربوبيَّته، تعالى)[7]. مجالات المنهج الإرادي العملي:وهنا نذكر بعض الآيات التي تتوجه إلى إرادة الإنسان مباشرة تقتضي منها التسليم، وهي على وجه خاص، الآيات الكريمة التي جاءت في صيغة التقرير: 1 - ففي مجال الإلهيَّـات يقــول اللـه - تعـالى -: {فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ ءَأَسْلَمْتُمْ فَإنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإن تَوَلَّوْا فَإنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 20].2 - وفي مجال النبوات يقول الله - تعالى -: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْـمُرْسَلِينَ إلاَّ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا 20 وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْـمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا 21 يَوْمَ يَرَوْنَ الْـمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا 22 وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 20 - 23].3 - وفي مجـال السمعيات يقول الله - سبحانه وتعالى -: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14]. وهذه الآية الكريمة وما سبقها قد جاءت في صياغة تقريرية موجَّهة للإرادةِ للتسليم[8]. منهج تثبيت العقيدة والتذكير بالله:وإذا كانت المناهج السابقة مسالك لبيان العقيدة، فإنها بعد وجودها وبيانها تحتاج إلى أن نتعاهدها، وأن نعمل دائماً على تثبيتها في النفس، فيكون لها الأثر الفاعل في نفس صاحبها؛ فلذلك نجد في القرآن الكريم و في السُّنة النبوية وسائلَ لتثبيت الإيمان في النفس البشرية، منها:التذكير الدائم بعظمة الله - تعالى - وآيات قدرته في الآفاق وفي النفس؛ حتى يخشع القلب ويستسلم: والتذكير بأن الله مع الإنسان يراه ويراقبه ويحصي عليه أعماله؛ ثم يحاسبه عليها يوم القيامة حتى تصبح تقوى الله جزءاً لا يتجزأ من مشاعر القلب، وركيزة ثابتة في حالة السرَّاء والضرَّاء؛ ففي السراء يذكر الله شاكراً لأنعمه، وفي الضراء يذكر الله صابراً ومتطلعاً إليه - سبحانه - ليكشف عنه السوء. ويورد القرآن القصص التي تثبِّت الإيمان ومنها: قصص الأنبياء وأتباعهم من المؤمنين الذين صبروا على الأذى حتى جاء نصر الله، وقصص الكفار الذين كذبوا وعاندوا حتى دمر الله - تعالى - عليهم بكفرهم. وأخيراً يرسم القرآن صوراً محبَّبَة للمؤمنين وصفاتهم، وما ينتظرهم من الجزاء في الآخرة مخلَّدين في الجنات، وصوراً كريهة منفِّرة للكافرين وصفاتهم وما ينتظرهم من الجزاء في الآخرة مخلَّدين في النار وما ينالهم فيها من العذاب يوم القيامة. ويظل القرآن يكرر هذه التوجيهات حتى ترسخ في النفس، وحتى يصبح الله حاضراً في القلب لا يغفل الإنسان عن ذكره؛ فتستقيم مشاعره، ويستقيم سلوكه، ويصبح عبداً ربانياً مقرَّباً إلى الله في الدنيا والآخرة؛ فيرزقه الله الطمأنينة والسعادة في الدنيا، ويمنحه في الآخرة جنته ورضوانه. |
|