إنّ غطاء الكعبة باللون الأسود هو ممّا تعارف عليه الناس في الزمن الحالي وما قبله،
وليس بسبب الشّرع فقد كانت الكعبة قديماً تُكسى بعدّة ألوان إلى أن جاء النّاصر العبّاسي
فكساها ديباجاً أسود، فاستمرّت كسوتها بهذا اللون بعده إلى الوقت الحالي، فقد جاء عن
الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في أخبار مكّة: "أن الكعبة كانت تكسى بالأبيض والأسود
والأخضر والأصفر إلى أن جاء الناصر العباسي فكساها ديباجا أخضر ثم كساها ديباجا أسود
لم يكن اللون الأسود كما أسلفنا سابقاً أمراً من الشرع الإسلامي فقد كانت الكعبة تُكسى سابقاً
بغير اللون الأسود، فكانت تُكسى باللون الأبيض، والأصفر، والأخضر، وغيره، فالإسلام عموماً
يستخدم كافّة الألوان، ولم يرد فيه تخصيص لونٍ للكعبة عن الآخر، وقد كان النبيّ -صلى الله
عليه وسلم- وصحابته ومن جاء بعدهم من الخلفاء يستخدمون جميع الألوان؛ سواءً في لباسهم
أم ألويتهم، أم راياتهم.
كانت الكعبة تُكسى بأفضل الأقمشة منذ زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وكان يُطلب صنعها
في مصانع خاصة تُرسل من بلدان أخرى؛مصر والعراق إلى مكة، وقد كُسيت بالوصايل؛ وهي
ثياب من اليمن، وتُكسى أيضاً بمواد أخرى فاخرة تُسمّى بالبرود والحبرة، ويتم تطييبها وتبخيرها
بأفخر أنواع الروائح، وقد كانت تُكسى بنسيج الأنطاع أيضاً؛ وهي ثياب يمنيّة من الأدم والبرود.
وقد كُسيت الكعبة بالحرير أوّل مرة من خلال امرأة تُدعى نتيلة من بني عامر، كما كُسيت بثياب
بيضاء رقيقة من مصر، وتُسمّى بالقباطي والديباج.
وكانت الكعبة تُكسى بغير ذلك من المواد الفاخرة، منها ما يُسمّى بالنمارق، والوبر، والكرار،
والأنماط، والخز الأخضر، والخز الأصفر، وغيرها من أنواع الأقمشة.
لون الآيات المكتوبة على ستار الكعبة هو الذّهبي والفضّي، ويتم تغيير كسوة الكعبة كل فترة
وتحديداً في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل سنة؛ أي في يوم عرفة، وتبقى الآيات المكتوبة
على ستار الكعبة كما هي؛ بمعنى لا يتمّ تبديلها