" فتنة المحيا : هي أن يفتتن الإنسان بالدنيا ، وينغمس فيها ، وينسى الآخرة ؛
وهذا ما أنكره الله تعالى على العباد ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) .
ومن فتن الدنيا : الشبهات ؛ أن يقع في قلب الإنسان شك وجهل فيما أنزل الله
على رسوله صلى الله عليه وسلم .
أما فتنة الممات فتشمل شيئين :
الأول ما يحدث عند الموت ،
والثاني ما يحدث في القبر .
فأما الأول : وهو الذي يحدث عند الموت : فإن الشيطان ، أعاذنا الله منه ،
أحرص ما يكون على إغواء بني آدم عند موته ، لأنها هي الساعة الحاسمة
فيحول بين المرء وقلبه ؛ بمعنى : أنه يوقع الإنسان في تلك اللحظة فيما
يخرجه عن دين الإسلام ... يحرص حرصاً كاملاً على إغواء بني آدم في
تلك اللحظة . وقد ذكروا عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان حين احتضاره
يغمى عليه ، فيسمعونه يقول : بعد ، بعد ، فلما أفاق ، قيل له : يا أبا عبد الله
ما قولك بعد ، بعد ؟ قال : إن الشيطان يتمثل أمامي يقول : فُتَّني يا أحمد ،
فتني يا أحمد ، فأقول له : بعد ، بعد – يعني - لم أَفُتْك ؛ لأن الإنسان لا ينجو
من الشيطان إلا إذا مات ، إذا مات انقطع عمله ، ولا رجاء للشيطان فيه إن
كان مؤمناً ، فيقول : إني أقول بعد ، بعد ؛ أي : لم أفتك لجواز أن يحصل من
الشيطان فتنة عند موت الإنسان .
ولكنني أبشر إخواني الذين آمنوا بالله حقاً ، واتبعوا رسوله صدقا ، واستقاموا
على شريعة الله ؛ أبشرهم أن الله بفضله وكرمه لن يخذلهم ، لن يختم لهم
بسوء الخاتمة ... فمن صدق مع الله ، فليبشر بالخير ...
أما الثاني : - مما يتناوله فتنة الموت : فهو فتنة الإنسان في قبره ، فإن
الإنسان إذا مات ودفن وتولى عنه أصحابه : أتاه ملكان يسألانه عن ربه
ودينه ونبيه .