{ ونبلوكم بالشر والخير فتنة } الأنبياء .
والابتلاء بالشر مفهوم أمره .
ليتكشف مدى احتمال المبتلى ، ومدى صبره على الضر ، ومدى ثقته في ربه
ورجائه في رحمته ..
إن الابتلاء بالخير أشد وطأة ، وإن خيل للناس أنه دون الابتلاء بالشر .
إن كثيرين يصمدون للابتلاء بالشر ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير .
كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف ولكن قليلين هم الذين يصبرون على
الابتلاء بالصحة والقدرة ويكبحون جماح القوة الهائجة في كيانهم الجامحة في أوصالهم .
كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل ولكن القليلين هم
الذين يصبرون على الثراء والوجدان وما يغريان به من متاع ، وما يثيرانه من شهوات
وأطماع .
كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء فلا يخيفهم ويصبرون على التهديد والوعيد فلا
يرهبهم ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الإغراء بالرغائب والمناصب والمتاع والثراء
كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الدعة والمراح
ثم لا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال وبالاسترخاء الذي يقعد الهمم ويذلل الأرواح
إن الابتلاء بالشدة قد يثير الكبرياء ويستحث المقاومة و الأعصاب ..
فتكون القوة كلها معبأة لاستقبال الشدة والصمود لها .
أما الرخاء فيرخي الأعصاب وينيمها ويفقدها القدرة على اليقظة والمقاومة .
لذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح ، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء
وذلك شأن البشر ..
إلا من عصم الله فكانوا ممن قال فيهم رسول الله – صلى الله عليه و سلم - :
" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء
شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " رواه مسلم وهم قليل .
فاليقظة للنفس في الابتلاء بالخير أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر .
والصلة بالله في الحالين هي وحدها الضمان .