على إثر زوال الأسرة الطولونية أسند الخليفة العباسي الراضي ولاية مصر إلى
محمد بن طغج ولقبه بالإخشيد (من ألقاب ملوك فرغانة) تقديرًا لخدماته، وكان
الإخشيد ملكًا مهيبًا استطاع أن يمد نفوذه إلى الشام والحجاز باعتماده على جيش
زاد عدد أفراده على 400000 جندي، وبعد وفاته بدمشق سنه 335هـ/946م
خلفه على الحكم مؤدب أبنائه كافور الحبشي الذي وصفه ابن خلكان بصفات
مزرية، ويبدو أن عهده كان قاتمًا، إذ تعرضت مصر للعديد من الكوارث
والحروب من جانب أعدائها ملوك النوبة، وقل شأنها، الأمر الذي مهد إلى
دخول الفاطميين إليها على يد جوهر الصقلي سنة 358هـ/968م بعد ما يزيد
على 35 سنة من عمر هذه الدولة.
وبوجه عام كانت حضارة الإخشيديين مماثلة للحضارة الطولونية لقرب العهد
بينهما، فقد نعمت البلاد بالرخاء والثراء في أيامهم وقطعت شوطًا كبيرًا في
إرساء قواعد الحرية والعدالة بين الناس، وتذكر بعض المصادر أن الإخشيد
نفسه كان يجلس للمظالم كل يوم أربعاء، وحذا حذوه كافور، ومن أشهر قضاة
هذا العهد محمد بن بدر الصيرفي والحسين بن أبي زرعة الدمشقي. أما على
الصعيد العلمي فقد كان بلاط الإخشيد ومن بعده كافور عامرًا بالعلماء من مختلف
الفنون، وممن نبغ في عهدهما أبو إسحاق المروزي والحسن بن رشيق المصري
ومن المؤرخين أبو عمر الكندي، ومن الشعراء كشاجم وأبو الطيب المتنبي الذي
مكث في بلاط كافور ما يزيد على أربع سنوات، أما من الناحية العمرانية فينسب
إلى الإخشيد بناء قصر المختار، وإلى كافور القصر الذي أنشأه فيما يعرف بالبستان
الكافوري