عقب تعيين أحمد بن طولون واليًا على مصر سنة 256هـ/869م بعد وفاة
واليها التركي الأصل باكباك (بقبق)، وعلى إثر الحروب التي خاضها ضد
البيزنطيين، استطاع أن يضم بلاد الشام إلى مصر، وقد أقره الخليفة على
ذلك، وتمكن ابن طولون من إنشاء دولته التي استمرت في أسرته حتى
نهاية القرن الثالث الهجري، شهدت مصر في أثنائها ازدهارًا ملحوظًا إذ
ينسب لأحمد بن طولون إنشاء مدينة القطائع التي أصبحت عاصمة له،
وقيامه بتشجيع الصناعة والتجارة والزراعة بحيث تحسنت أحوال الناس
على اختلاف طبقاتهم، ولقي أهل الذمة معاملة كريمة منهم، فكان المسلمون
يحتفلون بأعيادهم احتفالهم بعيدي الفطر والأضحى.
كما يعزى إلى الطولونيين اهتمامهم بالعلوم والآداب، وكان جامعهم الذي
لا يزال شاهدًا إلى اليوم هو نفسه المدرسة التي خرّجت أكابر العلماء من
أدباء وشعراء وفقهاء، أما في الجانب العسكري فتشير الدراسات إلى اهتمام
أحمد بن طولون بالجيش الذي وصل عدد أفراده إلى ما يزيد على مئة ألف من
العرب والسودانيين والأتراك الذين جُهزوا بأحدث الأسلحة، وكان إلى جانبه
أسطول ضخم استحدث له دارًا للصناعة في محلة الروضة، ولمع في بلاط
الطولونيين من القادة طغج بن جف أبو الإخشيد الذي اتصل بخدمتهم منذ أيام
خمارويه بن أحمد، وحقق لهم انتصارات باهرة على الجيوش البيزنطية مهدت
له الوصول إلى حكم مصر.