هل تعلم أن ( جمال الدين الأفغاني ) واسمه محمد بن صفدر الحسيني ، هو
فيلسوف الإسلام في عصره ، وأحد الرجال الأفذاذ الذين قامت على سواعدهم
نهضة الشرق الحاضرة .. ولد في ( أسعد آباد ) في أفغانستان , ونشأ في كابول .
. وتلقى العلوم العقلية والنقلية ، وبرع في الرياضيات ، وسافر إلى الهند ،
وحج ( سنة 1273 هـ ) , وعاد إلى وطنه ، فأقام في كابول , وانتظم في
سلك رجال الحكومة في عهد « دوست محمد خان » ثم رحل ماراً بالهند
ومصر ، إلى الآستانة ( سنة 1285) فجعل فيها من أعضاء مجلس المعارف .
ونفي منها ( سنة 1288) فقصد مصر ، فنفخ فيها روح النهضة الإصلاحية ،
في الدين والسياسة ، وتتلمذ له نابغة مصر الشيخ محمد عبده وكثيرون .
أصدر أديب إسحاق ، وهو من مريديه ، جريدة « مصر » فكان جمال الدين
يكتب فيها بتوقيع : « مظهر بن وضاح » .. أما منشوراته بعد ذلك فكان توقيعه
على بعضها : « السيد الحسيني » أو « السيد » .. نفته الحكومة المصرية
( سنة 1296) فرحل إلى حيدر آباد ، ثم إلى باريس .. وأنشأ فيها مع الشيخ
محمد عبده جريدة : « العروة الوثقى »
ورحل رحلات طويلة ، فأقام في العاصمة الروسية « بطرسبرج » كما كانت
تسمى ، أربع سنوات ، ومكث قليلاً في ( ميونيخ بألمانيا) حيث التقى بشاه إيران
« ناصر الدين » ودعاه هذا إلى بلاده ، فسافر إلى إيران , ثم ضيق عليه ،
فاعتكف في أحد المساجد سبعة أشهر ، كان في خلالها يكتب إلى الصحف
مبيناً مساوىء الشاه ، محرضاً على خلعه .. وخرج إلى أوروبا ، ونزل في
( لندن ) ، فدعاه « السلطان عبد الحميد » إلى الآستانة ، فذهب وقابله ،
وطلب منه السلطان أن يكف عن التعرض للشاه ، فأطاع , وعلم السلطان بعد
ذلك أنه قابل « عباس حلمي » الخديوي ، فعاتبه قائلاً : أتريد
أن تجعلها عباسية ؟ ومرض بعد هذا بالسرطان ، في فكه ، ويقال : دس له السم ..
وتوفي بالآستانة . ونقل رفاته إلى بلاد الأفغان سنة 1363 وكان عارفاً باللغات
العربية والأفغانية والفارسية والسنسكريتية والتركية ، وتعلم الفرنسية والإنجليزية والروسية ، وإذا تكلم بالعربية فلغته الفصحى .. واسع الاطلاع على العلوم القديمة والحديثة ، كريم الأخلاق كبير العقل ، لم يكثر من التصنيف اعتماداً على ما كان
يبثه في نفوس العاملين وانصرافاً إلى الدعوة بالسر والعلن .. له :
« تاريخ الأفغان »
« رسالة الرد على الدهريين » ترجمها إلى العربية تلميذه الشيخ محمد عبده.