كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأتيه الرسائل من كل حدب وصوب،
لذا كان يستعين ببعض الصحابة الكرام ممن يتقنون تلك اللغات غير العربية
أو يأمرهم بتعلم لغة معينة حتى يعرف ما يأتيه من رسائل.
ومن هؤلاء صحابي جليل أمره النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن يتعلم لغة اليهود،
وهي اللغة السريانية حتى يقرأ له الرسائل التي تأتيه بهذه اللغة، وهذا الصحابي كان من كتاب
الوحي فكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل مانزل الوحي عليه، بعث إليه فكتبه.
وهو من الراسخين في العلم، وقد طلب منه سيدنا أبو بكر الصديق الخليفة الراشد الأول
أن يقوم بمهمة جمع القرآن بعد أن مات الكثير من حفظته في حروب الردة، فدعاه وقال له:
"إنك شاب عاقل لا نتهمك"، وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة.
فيقول هذا الصحابي عن ذلك" "والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي
مما أمروني به من جمع القرآن"،
كما قال: "فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال".
وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف.
إنه الصحابي زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الذي كان يتيمـًا
يوم أن قدم الرسول صلى الله عليه و سلم مهاجرًا إلى المدينـة، وكان عمره إحدى عشرة سنة،
حيث أسلـم مع أهلـه ودعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وعن أمر النبي له بتعلم لغة اليهود روى الترمذي بسنده عن زيد بن ثابت قال:
"أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ وَقالَ إِنّي
وَالله مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي،
قالَ فَمَا مَرّ بي نِصْفُ شَهْرٍ حَتّى تَعَلّمْتُهُ لَهُ". فتعلم هذه اللغة في خمسة عشر يومًا فقط