اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
موضوع: الله نور السماوات والأرض الإثنين 14 أبريل 2014 - 23:58
قال ابن عباس { اللّه نور السماوات والأرض} يقول: هادي أهل السماوات والأرض، يدبر الأمر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما. وقال ابن جرير عن أنس بن مالك قال: إن اللّه يقول نوري هدى، واختار هذا القول ابن جرير، وقال أبي بن كعب: هو المؤمن الذي جعل اللّه الإيمان والقرآن في صدره فضرب اللّه مثله فقال: { اللّه نور السماوات والأرض} فبدأ بنور نفسه، ثم ذكر نور المؤمن، فقال: مثل نور من آمن به، فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره، وعن ابن عباس أنه قرأها { مثل نور من آمن باللّه} وقرأ بعضهم { اللّه منّور السماوات والأرض} وقال السدي في قوله: { اللّه نور السماوات والأرض} فبنوره أضاءت السماوات والأرض، وفي الحديث: (اعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات) ""ذكره ابن إسحاق في السيرة من دعائه صلى اللّه عليه وسلم يوم آذاه أهل الطائف"". وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل يقول: (اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن) الحديث. وعن ابن مسعود قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور العرش من نور وجهه، وقوله تعالى: { مثل نوره} في هذا الضمير قولان: أحدهما أنه عائد إلى اللّه عزَّ وجلَّ أي مثل هداه في قلب المؤمن، قاله ابن عباس { كمشكاة} . والثاني أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام، تقديره: مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمشكاة، فشبه قلب المؤمن وما هو مفطور عليه من الهدى وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه، كما قال تعالى: { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل الذي لا كدر فيه ولا انحراف؛ فقوله { كمشكاة} قال ابن عباس ومجاهد: هو موضع الفتيلة من القنديل، هذا هو المشهور؛ ولهذا قال بعده { فيها مصباح} وهو الذبالة ((الذِبالة: يقال للفتيلة التي يُصبَحُ بها السراج ذبالة وذبّالة، وجمعها ذُبال وذُُبَّال )) التي تضيء. وقال مجاهد: هي الكوة بلغة الحبشة، وزاد بعضهم فقال: المشكاة الكوة التي لا منفذ لها، وعن مجاهد: المشكاة الحدائد التي يعلق بها القنديل، والقول الأول أولى، وهو أن المشكاة هو موضع الفتيلة من القنديل، ولهذا قال: { فيها مصباح} وهو النور الذي في الذبالة، قال أُبي بن كعب: المصباح النور وهو القرآن والإيمان الذي في صدره، وقال السدي هو السراج { المصباح في زجاجة} أي هذا الضوء مشرق في زجاجة صافية، وهي نظير قلب المؤمن { الزجاجة كأنها كوكب دري} أي كأنها كوكب من ذر، قال أُبي بن كعب: كوكب مضيء، وقال قتادة: مضيء مبين ضخم { يوقد من شجرة مباركة} أي يستمد من زيت زيتون شجرة مباركة { زيتونة} بدل أو عطف بيان { لا شرقية ولا غربية} أي ليست في شرقي بقعتها فلا تصل إليها الشمس من أول النهار، ولا في غربيها فيقلص عنها الفيء قبل الغروب، بل هي في مكان وسط تعصرها الشمس من أول النهار إلى آخره، فيجيء زيتها صافياً معتدلاً مشرقاً، عن ابن عباس في قوله { زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: هي شجرة بالصحراء لا يظلها شجر ولا جبل ولا كهف، ولا يواريها شيء، وهو أجود لزيتها، وقال عكرمة: تلك زيتونة بأرض فلاة إذا أشرقت الشمس أشرقت عليها، فإذا غربت غربت عليها فذلك أصفى ما يكون من الزيت، وعن سعيد بن جبير في قوله: { زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء} قال: هو أجود الزيت، قال إذا طلعت الشمس أصابتها من صوب المشرق، فإذا أخذت في الغروب أصابتها الشمس، فالشمس تصيبها بالغداة والعشي فتلك تعد لا شرقية ولا غربية. وقال الحسن البصري: لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية، ولكنه مثل ضربه اللّه تعالى لنوره، وقال الضحاك عن ابن عباس { توقد من شجرة مباركة} قال: رجل صالح { زيتونة لا شرقية ولا غربية} قال: لا يهودي ولا نصراني، وأولى هذه الأقوال: أنها في مستوى من الأرض في مكان فسيح باد ظاهر ضاح للشمس، تقرعه من أول النهار إلى آخره، ليكون ذلك أصفى لزيتها وألطف، ولهذا قال تعالى: { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} يعني لضوء إشراق الزيت، وقوله تعالى: { نورعلى نور} قال ابن عباس: يعني بذلك إيمان العبد وعمله، وقال أبي بن كعب { نور على نور} المؤمن يتقلب في خمسة من النور، فكلامه من نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة. وقال شمر بن عطية: جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول اللّه: { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} قال: يكاد محمد صلى اللّه عليه وسلم يبين للناس ولو لم يتكلم أنه نبي، كما يكاد ذلك الزيت أن يضيء، وقال السدي في قوله تعالى: { نورعلى نور} قال: نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا ولا يضيء واحد بغير صاحبه، كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه، وقوله تعالى: { يهدي الله لنوره من يشاء} أي يرشد اللّه إلى هدايته من يختاره، كما جاء في الحديث: (إن اللّه تعالى خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ، فمن أصاب من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأ ضل، فلذلك أقول: جفَّ القلم على علم اللّه عزَّ وجلَّ) ""أخرجه الإمام أحمد والبزار عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص"". وقوله تعالى: { ويضرب اللّه الأمثال للناس واللّه بكل شيء عليم} لما ذكر تعالى هذا مثلاً لنور هداه في قلب المؤمن ختم الآية بقوله: { ويضرب اللّه الأمثال للناس واللّه بكل شيء عليم} أي هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الإضلال، عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر، وقلب أغلف مربوط على غلافه، وقلب منكوس، وقلب مصفح. فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها الدم والقيح، فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه) ""أخرجه أحمد قال ابن كثير: إسناده جيد ولم يخرجاه"".