الإحســان إلى الحيوان عند ذبحــه:
لدينا في الإسلام مجموعة من الآداب التي يجب أن يتأدّب بها المسلم عند ذبحه بهيمة أو طير، للضرورة، وذلك حتى لا تتألم الذبيحة، أو تشعر بالتعذيب، المادي أو المعنوي. فقد روى مسلم وأبو داود والترمذي عن شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته).... وإلى رحمة النبي بالحيوان عند ذبحه يشير حديث آخر رواه الطبراني والحاكم (في "المستدرك") عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة ( أي جانب وجهها)، وهو يحدّ شـفـرته، وهى تلحــظ إليه ببصرها، فقال: ( أفلا قبل هذا ؟! أوَتريد أن تميتها موتتين؟!)... وبهذا تأسى الصحابة الكرام، وتهذبت نفوسهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى رجلا يسحب شاة برجلها ليذبحها، فقال له: قدها إلى الموت قودا جميلا..
وقد يسأل جاهل: أليس في الأمر بذبح الأضاحي والهدي في الشريعة الإسلامية تعدي على الطبيعة أو سبيل إلى انقراض أنواع معينة من الحيوان؟ والجواب عليه سهل ميسور، فالبشر منذ بدء الخليقة وهم يتغذون بالحيوان والنبات، ومع ذلك فهى تكاثر وتنام وتزايد، ما لم يكن القتل عشوائيا، وبلا هوادة ولا رحمة بالحيوان، فإن حصل ذلك فقد تنقرض أصناف أو سلالات معينة من الحيوان، أو على الأقل تتناقص تناقصا ينذر باختفائها من الطبيعة... ولكن لما كان الأمر من الله عز وجل، واتباعا لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا شك أن هناك حكمة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، ومن أعظم ذلك أن في إزهاق روح بعض الحيوان تقرّبا إلى الله، وفي بعضها دفعا لضررها، وهكذا تتضح الحكمة، وتزول الغشاوة... فلا مبرر، إذن، لما يتشدق به أدعياء الرفق بالحيوان أو أنصار صون الطبيعة، الذين يتهمون المسلمين أنهم بتشريع ذبح الأضاحي والهدي يساهمون في انقراض أصناف من الحيوان، وهذا محض افتراء، فلماذا لم تنقرض هذه الأصناف والأنواع من الحيوان بالرغم من مرور أكثر من 1400 سنة على نزول الشريعة الإسلامية...؟!!
نعود إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرحمة بالحيوان عند ذبحه، فقد روى الطبراني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة). وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رجل: يا رسول الله: إني لأذبح الشاة فأرحمها، فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والشاة إن رحمتها، رحمك الله)...
وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحمته بالذبيحة إلى أبعد حدّ من الإسراع بالذبح واستعمال سكين حادّة، فقد أمر بعدم رؤية حيوان لحيوان آخر يجري ذبحه، فروى عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدّ الشفار (أي آلة الذبح) وأن نواري عن البهائم... وقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا ذبح أحدكم فليجهز) رواه ابن ماجه.