اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: بادر بالأعمال الصالحة المواعظ لابن الجوزي .. الجمعة 24 مايو 2013 - 6:59
بادر بالأعمال الصالحة المواعظ لابن الجوزي
طوبى لمن بادر عُمره القصير، فعمَّر به دار المصير، وتهيأ لحساب الناقد البصير قبل فوات القدرة وإعراض النصير قال عليه الصلاة والسلام: (بادروا بالأَعمال سبعاً، هل تنتظرون إِلّا فقراً مُنسياً؟ أو غني مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو موتاً مجهزاً، أو هرماً مُفنداً، أو الدجال، فشر غائب يُنتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر) كان الحسن يقول: عجبت لأقوام أُمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل، وجلس أولهم على آخرهم وهم يلعبون وكان يقول: يا بن آدم: (السكين تشحذ والتنور يسجر، والكبش يعتلف) وقال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان كسادها، فإِنه لو جاء وقت نفاقها لم تصلوا فيها إِلى قليل ولا كثير، وكان عون بن عبد الله يقول: ما أُنزل الموت كنه منزلته، ما قد غدا من أجلكم، مستقبل يوم لا يستكمله، وكن من مؤملٍ لغدٍ لا يُدركُه، إِنَّكم لو رأيتم الأَجَل ومسيره، بغضتم الأَمل وغروره وكان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أَحدهم درهمٌ لظل يومه يقول: إنا لله، ذهب درهمي وهو يذهب عمره، ولا يقول: ذهب عمري، وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات، ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات فقيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنه ما مات حتى سرد الصو م وكانت عائشة رضي الله عنها تسرد، وسرد أبو طلحة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وقال نافع: ما رأيت ابن عمر صائماً في سفره ولا مفطراً في حضره قال سعيد بن المسيب: ما تركت الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في ليلتين وكان الأسود يقوم حتى يخضر ويصفر، وحج ثمانين حجة وقال ثابت البناني: ما تركت في الجامع سادنة إلّا وختمت القرآن عندها وقيل لعمرو بن هانئ: لا نرى لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم؟ قال: مائة ألف، إلّا ما تخطئ الأصابع وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة وقام ليلها، وكان الليل كله يبكي فتقول له أُمه: يا بني قتلت قتيلاً، فيقول: أَنا أَعلم بما صنعت نفسي قال الجماني: لما حضرت أبو بكر بن عياش الوفاة بكت أخته، فقال: لا تبك، وأشار إلى زاوية في البيت، إنه قد ختم أخوك في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة قال الربيع: وكان الشافعي رضي الله عنه يقرأ في كل شهر ثلاثين ختمة، وفي كل شهر رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلوات، واعلم أن الراحة لا تنال بالراحة، ومعالي الأُمور لا تنال بالفتور، ومن زرع حصد، ومن جد وجدلله در أقوام شغلهم تحصيل زادهم، عن أهاليهم وأولادهم، ومال بهم ذكر المال عن المال في معادهم، وصاحت بهم الدنيا فما أجابوا شغلاً بمرادهم، وتوسدوا أحزانهم بدلاً عن وسادهم، واتخذوا الليل مسلكاً لجهادهم واجتهادهم، وحرسوا جوارحهم من النار عن غيهم وفسادهم، فيا طالب الهوى جز بناديهم ونادهم: أَحيَوا فُؤَادِي ولَكِنَّهم ... علَى صَيحَة من البين ماتُوا جميعاً حرمُوا رَاحة النَّوم أَجفَانهم ... وَلَفُّوا علَى الزفرات الضُّلوعَا طُول السَّواعد شُمُّ الأُنوف ... فطابُوا أُصُولاً وطَابُوا فُرُوعا أَقبلت قلوبهم تراعى حق الحق فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى، والقُلوب في رياض الملكوت ترعى، نازلهم الخوف فصاروا والهين، وناجاهم الفكر فعادوا، خائفين، وجَنَّ عليهم الليل فباتوا ساهرين، وناداهم منادى الصَّلاح، حىّ على الفلاح، فقاموا متهجدين، وهبت عليهم ريح الأَسحار فتيقظوا مستغفرين، وقطعوا بند المجاهدة فأصبحوا واصلين، فلمَّا رجعوا وقت الفجر بالأَجر بادى الهجر يا خيبة النائمين