اشتهر الحجاج بقوته الخطابية وبلاغة عباراته وقوتها وتنوعت خطبه بين
التهديد والإنكار والوعظ والتذكير، فمن وعظه:
"أيها الناس، قد أصبحتم في أجل منقوص، وعمل محفوظ.
رُبَّ دائبٍ مضيّع، وساعٍ لغيره، والموتُ في أعناقكم، والنارُ بين أيديكم،
والجنةُ أمامكم.
...
خذوا من أنفسكم لأنفسكم، ومن غناكم لفقركم، ومما في أيديكم لما بين
أيديكم
فكأن ما قد مضى من الدنيا لم يكن، وكأن الأموات لم يكونوا أحياء، وكل ما
ترونه فإنه ذاهب.
هذه شمسُ عادٍ وثمود وقرون كثيرة بين ذلك .. هذه الشمس التي طلعت على
التبابعة والأكاسرة، وخزائنهم السائرة بين أيديهم، وقصورهم المشيدة .. ثم
طلعت على قبورهم.
أين الملوك الأولون؟ أين الجبابرة المتكبرون؟
المحاسب الله، والصراط منصوب، وجهنم تزفر وتتوقد.
وأهل الجنة ينعمون، في روضة يحبرون, جعلنا الله وإياكم من الذين {إِذَا ذُكِّرُوا
بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} .
فكان الحسن البصري رحمه الله يقول: "ألا تعجبون من هذا الفاجر؟ يرقى عتبات
المنبر، فيتكلم بكلام الأنبياء، وينزل فيفتك فتك الجبارين، يوافق الله في قوله
ويخالفه في فعله".