يروى أن أحمد بن حنبل - رحمه الله - زار بقي بن مخلد في مرض له , فقال له :
" يا أبا عبد الرحمن , أبشر بثواب الله , أيام الصحة لا سقم فيها , وأيام السقم لا
صحة فيها " .
والمعنى : أن أيام الصحة لا يعرض المرض فيها بالبال , فتقوى عزائم الإنسان وتكثر
آماله , ويشتد طموحه , وأيام المرض الشديد لا تعرض الصحة بالبال , فيخيم على
النفس ضعف الأمل وانقباض الهمة وسلطان اليأس , وقول الإمام أحمد مأخوذ من
قوله تعالى :
{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ
بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} .﴿هود: 9 : 10 : 11)
قال الحافظ ابن كثير :" يخبر الله تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات
الذميمة , إلا من رحم الله منعباده المؤمنين أنه إذا أصابته شدة بعد نعمة حصل له
يأس وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل , وكفر وجحود لماضي الحال , كأنه لم
ير خيرا ولم يرج فرجا .
وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة :{ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ }
﴿هود: ١٠﴾
أي يقول : ما ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء .{ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ}﴿هود: ١٠﴾
أي فرح بما في يده , بطر فخور على غيره .
قال الله تعالى :
{ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}﴿هود: ١١﴾