مفهوم حدود الله
الحدود جمع حدٍّ، وفي اللُّغة العربيّة هو المنع أو الشَّيء الذي تتوقّف عنده؛ فنقول
حدود الدَّولة، وحدود الله تعالى هي محارمه التي منع من ارتكابها وانتهاكها منعًا
مشددًّا.
والحدود في الاصطلاح الشَّرعيّ هي: العقوبة المقدّرة شرعًا الواقعة على المرء بسبب
معصيةٍ عقابًا له على انتهاك حدود الله ، ومنع غيره من ارتكابها والوقوع في مثلها
والحدود مشروعةٌ في الكِتاب والسُّنّة والإجماع. وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله مجموعةً
من الأفعال يُحرَّم الإقدام على ارتكابها وفِعلها من الرَّجل والمرأة، وهي ما تُعرف بحدود
الله أيّ الأفعال المُوجبة للحدّ والعقوبة وهي: قطع الطَّريق، والسَّرقة، والزِّنا، والقذَّف
وشُرب الخمر، والبغي؛ فلكلِّ واحدةٍ من هذه الأفعال المُشينة العقوبة التي حددّها الشَّرع
الحنيف.
الحكمة في تشريع الحدود
شُرعت الحدود بعقوباتٍ مختلفةٍ وضِمن ضوابط شرعيّةٍ ثابتةٍ في الكِتاب والسُّنّة كي
تكون: أداة زجرٍ للنُّفوس التي تنتهك الحدود وتتعدّى عليها، كما أنَّها وسيلةٌ لتطهير
النَّفس ممّا اقترفت؛ فالغرض من الحدّ تهذيب الفاعل وتأديبه وليس إذلاله وإهانته.
إعطاء الله تعالى حقّه؛ فقدَّر هذه العقوبة لمن تطاول على حقّ الله تعالى.
تحقيق مصلحة المجتمع؛ فيُعاقب كلُّ من اعتدى على النَّاس وعلى أموالهم وأعراضهم
ومكانتهم وسلبهم الأمن والأمان كي ينعم المجتمع بالاستقرار والطُّمأنينة والسَّلام. الحدّ
قد يكون سببًا في عودة الجاني إلى ربِّه تائبًا مُنيبًا مُقرًّا بالذَّنب الذي اقترفه.
شُروط إقامة حدود الله
لا يجوز لأيّ سُلطةٍ قضائيّةٍ في الإسلام إقامة الحدّ على الجاني؛ إلَّا إذا توافرت شروط
تطبيق الحد، وهي كما يلي: أنْ يكون مرتكب الجريمة رجلًا أو امرأةً يتصف أيًّا كان
منهما بالبلوغ والعقل. أنْ يكون مرتكب الجريمة عالمًا عارفًا بالتَّحريم؛ فلا حدّ على من
يجهل التَّحريم وذلك لقول عُمر وعُثمان وعلي رضي الله عنهم:"لا حدّ إلا على من عَلِمَه".
إذا توافر هذان الشَّرطان في مُرتكب الجريمة التي يترتب على فِعلها الحدّ الشَّرعيّ؛ فيقام
الحد من قِبل الحاكم أو الإمام أو النَّائب؛ فالنّبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود ثُمّ
الخلفاء الرَّاشدون من بعده، وقد أوكل النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى من يقم بتنفيذ الحدّ
نيابةً عنه.