العابد
اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
| موضوع: . «.. وَقُلْ لِعِبَادِى يَقُولُوا الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ..» (الاسراء53) الجمعة 13 أكتوبر 2023 - 4:57 | |
| يقول الإمام الشعراوى رحمه الله فى خواطره قال تعالي « وَقُلْ لِعِبَادِى يَقُولُوا الَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ( الاسراء 53 ) أوضحنا الفرق بين عبيد وعباد، وأنهما جَمْع عبد، لكن عبيد تدل على مَنْ خضع لسيّده فى الأمور القهرية، وتمرَّد عليه فى الأمور الاختيارية، أما عباد فتدلّ على مَنْ خضع لسيده فى كُلِّ أموره القهرية والاختيارية، وفضَّل مراد الله على مُرَاده، وعنهم قال تعالي: *{‬وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً*}‬ [الفرقان: 63-64).
وهذا الفَرْق قائم بينهما فى الدنيا دون الآخرة، حيث فى الآخرة تنحلّ صفة الاختيار التى بنينا عليها التفرقة، وبذلك يتساوى الجميع فى الآخرة، فكلهم عبيد وعباد؛ وقوله تعالي: *{‬يَقُولُواْ التى هِيَ أَحْسَنُ*}‬ أي: العبارة التى هى أحسن، وكذلك الفِعْل الذى هو أحسن. والمعني: قُلْ لعبادي: قولوا التى هى أحسن يقولوا التى هى أحسن؛ لأنهم مُؤتمرون بأمرك مُصدِّقون لكَ.، و*{‬التى هِيَ أَحْسَنُ*}‬ تعني: الأحسن الأعلى الذى تتشقَّق منه كُل أَحْسَنيات الحياة، والأحسن هو الإيمان بالله بشهادة أن لا إله إلا الله، هذه أحسن الأشياء وأولها، لذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول: «خَيْرُ ما قُلْتُه أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله». لأن من باطنها ينبتُ كل حسن، فهى الأحسن والكبيرة، لأنك ما دُمْتَ تؤمن بالله فلن تتلقّى إلا عنه، ولن تخاف إلا منه، ولن ترجوَ إلا هو، وهكذا يحسُن أمرك كلُّه فى الدنيا والآخرة. وأنت حين تقول: لا إله إلا الله، لا تقولها إلا وأنت مؤمن بها؛ لأنك تريد أنْ تُشيِعها فيمن سمعك، ولا تكتفى بنفسك فقط، بل تحب أنْ يُشاركك الآخرون هذا الخير؛ لذلك إذا أردنا أن ننطقَ بهذه الكلمة نقول: أشهد أن لا إله إلا الله. فمعنى أشهد يعنى عند مَنْ لم يشهد، فكأن إيمانك بها دَعاك إلى نَقْلها إلى الناس، وبثِّها فيما بينهم وقولة *{‬إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ.. *}‬ [الإسراء: 53] والنزْغ هو نَخْس الشيطان ووسوسته، وقد قال تعالى فى آية أخري: *{‬وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله*} ‬ (الأعراف: 200). ،فإن كنْت مُنتبِهاً له، عارفاً بحيله فذكرتَ الله عند نَخْسه ونَزْعه انصرف عنك، وذهب إلى غيرك؛ لذلك يقول تعالى عن الشيطان: * {‬مِن شَرِّ الوسواس الخناس*} ‬ [الناس: 4] أي: الذى يخنس ويختفى إذا ذُكِرَ الله، لكن إذا رأى منك ضعفاً وغفلة ومرَّتْ عليك حِيَلُة، واستجبتَ لوساوسه، فقد أصبحت فريسة سهلة بين أنيابه ومخالبه والحق سبحانه يقول: *{‬إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ..*} ‬ تلاحظ أن نَزْغ الشيطان لا يقتصر على المتخاصمين والمتجادلين حول مبدأ دينى عقدي، بل ينزغ بين الإخوة والأهل والأحبة، ألم يَقُل يوسف: *{‬مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشيطان بَيْنِى وَبَيْنَ إخوتي*}‬
[يوسف: 100] ثم يقول تعالي: *{‬إِنَّ الشيطان كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً*}‬ أي: أن عداوة الشيطان لكم قديمة منذ أبيكم آدم عليه السلام فهى عداوة مسبقة، قال عنها الحق سبحانه: *{‬إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقي*}‬ (طه: 117)، فقوله تعالي: *{‬إِنَّ الشيطان كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً*}‬ أي: كان ولا يزال. وإلى يوم القيامة بدليل قوله: *‬"لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً"‬ [الإسراء: 62 (أي: لأتعهّدنّهم بالإضلال والغواية إلى يوم القيامة. |
|