الحكمة نور يقذفه الله في قلب المؤمن إذا صفا قلبه وقويت بصيرته وخلا من أوساخ
الدنيا وتعرض لنفحات ربه. وليست الحكمة عن كثرة الرواية والمسائل وإنما الحكمة
إصابة الحق والرفق واختيار القول والفعل الأصلح في الوقت المناسب. وليس كل عالم
حكيم وليس كل حكيم عالم فمن الناس من هو واسع العلم والثقافة ولكنه خال من رداء
الحكمة ومنهم من علمه محدود ولكنه ممتلأ الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا
كثيرا.
وحري بمن كان حريصا على اتباع السنة وموافقة الشرع أن يوفق للحكمة في سائر
أمره. ونور الحكمة يميز بها المؤمن بين الحق والباطل والصواب والخطأ والحسن
والأحسن عند اشتباه الأمور واختلاطها.
ومن أعظم فضائل الحكمة تمييز الفتن وتوقيها قبل وقوعها فمن خاض في الفتنة
واستشرف لها فقد خلا من الحكمة ولو كان عالما. والحكيم هو من يوفق لاتباع الحق
في غضبه ورضاه ومحبته وكراهيته وفقره وغناه وعند مضائق الدنيا. وقد يصيب
المؤمن الحكمة في حال ويخطئها في حال أخرى ولكن حري بمن بذل وسعه واتبع
وسائل الحكمة واستهدى بالله واستعان به أن يوفق لها. والتأمل في كتاب الله والسنة
ومدارسة أحوال أرباب الحكمة وسؤال المحنكين ممن عركتهم الدنيا ومشاورة أهل
الرأي موارد للحكمة والموفق من وفقه الله ونفى عنه خطل الرأي وفساد العمل.