لا تعبدوا الأوثان ولا تشركوا بالله شيئا" هذا هو الدرس الديني والأخلاقي الذي
تقدّمه هذه اللوحة الجميلة والمعبّرة.
القصّة التي ترتكز عليها الصورة مختلَف عليها. فكتب التاريخ لا تكاد تأتي على
ذكرها. وكلّ ما هنالك بضع إشارات وردت في سفر دانيال من كتاب العهد القديم.
حدثت هذه القصّة عام 538 قبل الميلاد وتتحدّث عن الملك البابلي بلشاسار
الذي خلف والده نبوخذ نصّر على كرسيّ الحكم.
بعد سنوات من جلوسه على العرش أقام بلشاسار في إحدى الليالي مأدبة ضخمة
في قصره دعا إليها ألفاً من أفراد حاشيته والأمراء والوجهاء بالإضافة إلى
زوجاته ومحظيّاته.
مناسبة الوليمة غير معروفة على وجه التحديد لكن يقال أن بلشاسار كان شخصا
متكبّرا ومفتونا بملكه وهيلمانه وقد اختار أن يقيم الوليمة في الوقت الذي كانت
فيه قوّات داريوس ملك الفرس تُحكم حصارها على بابل تمهيدا لاقتحامها واحتلالها
كانت أسوار بابل وقتها محصّنة ومنيعة إلى درجة أن بلشاسار ظنّ انه يستحيل
اختراقها.
في تلك الليلة أمر بلشاسار بإحضار كؤوس الذهب والفضّة من معبد أورشليم كي
يقدّم فيها النبيذ إلى ضيوفه هذه الأواني كانت مقدّسة بحسب الرواية وكان ذلك
الفعل كافيا لجلب غضب الربّ وسخطه على الملك المستهتر.
وتمضي القصّة فتقول انه بينما كان الملك وضيوفه منهمكين في الشراب والمجون
رأى الملك فجأة على ضوء مصباح يداً غريبة تخرج من الجدار وتكتب عليه كلمات
مرمّزة بأحرف من اللغة الآرامية القديمة.
وهذه هي اللحظة التي اختار رمبراندت أن يرسمها في اللوحة تأثير الصدمة واضح
على وجه بلشاسار وهو يدير رأسه باتجاه اليد التي تكتب على الجدار رقبته متوتّرة
وعيناه مفجوعتان وهو ينظر إلى الكتابة المتوهّجة على الحائط، بينما يرفع يده
اليسرى كأنما ليحمي نفسه من خطر داهم ووشيك.
المرأة الجالسة بالقرب من الملك تخفض جسدها اتقاء حركة ذراعه القويّة والمفاجئة
أيضا من التفاصيل اللافتة للانتباه في المشهد تعابير الصدمة والرعب المرتسمة
على ملامح الرجل والمرأة الجالسين إلى يسار اللوحة نظرات الحاضرين تدلّ على
أن اليد ظهرت للملك وحده دون غيره. ولهذا السبب خاف وارتعب لأنه أدرك أن
ما هو مكتوب يخصّه هو شخصيّا.
ارتبك بلشاسار جدّا وتملّكه الفزع وتغيّرت هيئته ممّا رأى وسارع في طلب
السحرة والمنجّمين كي يفسّروا له ما حدث.