وليمـة بلشـاسـار للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1635 هذه اللوحة تصلح لأن تكون نموذجا في دراسة التأثير السيكولوجي للصدمة. براعة رمبراندت في رسم ملابس الملك الباذخة والموشّاة بالذهب والفضّة وعمامته المثبّت فوقها تاج الحكم يجعل من هذه اللوحة إحدى أروع أعمال الرسّام. ترتيبات الحياة الساكنة على المائدة من فواكه وأوانٍ تشبه ما كان يستخدمه الهولنديون الأثرياء في منازلهم زمن رمبراندت. كأن الرسّام يدعو الناظر إلى تخيّل فخامة القصر والتمعّن في سحر الكتابة المتوهّجة باللونين الذهبي والفضّي على حائط القصر. المرأة الجالسة بالقرب من الملك تخفض جسدها اتقاء حركة ذراعه القويّة والمفاجئة. أيضا من التفاصيل اللافتة للانتباه في المشهد تعابير الصدمة والرعب المرتسمة على ملامح الرجل والمرأة الجالسين إلى يسار اللوحة. نظرات الحاضرين تدلّ على أن اليد ظهرت للملك وحده دون غيره. ولهذا السبب خاف وارتعب لأنه أدرك أن ما هو مكتوب يخصّه هو شخصيّا. ارتبك بلشاسار جدّا وتملّكه الفزع وتغيّرت هيئته ممّا رأى. وسارع في طلب السحرة والمنجّمين كي يفسّروا له ما حدث. وأشار عليه بعض خلصائه أن يستشير حكيما يُدعى دانيال عُرف ببراعته في تفسير الرؤى. وعندما حضر الحكيم عرض عليه بلشاسار أن يعطيه ما يشاء من مال وجاه إن هو نجح في قراءة وتفسير الكتابة الغامضة. فقال له دانيال وكان رجلا صالحا وزاهدا في الدنيا: لتكن عطاياك لنفسك ولتمنح هباتك لغيري. أما الكتابة فهي نذير شرّ لك. لقد بالغت في تمجيد الأوثان وإهانة الربّ. لذا سينتهي ملكك سريعا وستُقسّم أراضي المملكة بين ميديا وفارس". وفي تلك الليلة سقطت بابل دون قتال بخدعة نفّذها الفرس والميديون بتحويلهم مجرى النهر. وفي منتصف الليل فتحوا الأبواب بطريقة لم يتوقعها الحرّاس في الأبراج العالية وعبر الجيش الغازي إلى وسط المدينة وقُتل بلشاسار وعدد من رجاله. ويبدو أن داريوس عرف بأمر المأدبة الضخمة وبأن الملك ورجاله وجنده غارقون في سكرهم وعربدتهم وأيقن أن تلك فرصته الذهبية لاقتحام المدينة واحتلالها. وكان له ما أراد