إذا كان أحدكم يتعامل مع منديل الجيب باعتباره قطعة قماش ليس لها قيمة أو
ربما إكسسوار مُبالغ فيه أو حتى فقد بريقه ولمعانه في عصرنا الحالي الذي يتسم
بالسرعة الشديدة وباتت الإطلالات الكاجوال والعصرية هي الأكثر انتشارًا، فإنكم
مُخطئون لأن منديل الجيب أكبر وأهم من ذلك بكثير لأنها قادرة على إضفاء لمحة
شديدة الأناقة على الإطلالات الرسمية دون أن يبذل الرجال أي مجهود.
علاوة على ذلك، فإن منديل الجيب قطعة مُتعددة الاستخدامات ووراءها تاريخ طويل
ومليء بالتفاصيل المختلفة
أصول منديل الجيب
يعتقد البعض أن منديل الجيب تعود أصوله إلى مصر القديمة، عندما انتشرت عملية
صبغ القماش الكتان بمسحوق أحمر ويستخدمه الرجال للزينة وكان رمزًا للثراء وعلو
المكانة وهناك أيضًا من يعيدونها إلى الإغريق القدماء الذين كانوا يحملون قطعة من
القماش المُعطر لضمان تواجدهم في مكان رائحته طيبة، وكذلك يعيد البعض أصول
هذا المنديل إلى الرومان عندما كان الامبراطور يسقط منديلا أو قطعة قماش صغيرة
على الأرض لإعلان بدء المصارعة.
فيما يزعم البعض أن بداية استخدام المنديل الصغير كانت في عام 800 عندما
وضع أعضاء الكنيسة الكاثوليكية منديلاً أبيض على أذرعهم اليسرى كتعبير عن
إخلاص لله والكنيسة.
وأخيرًا هناك نظرية شائعة غالبًا بخصوص المنديل والتي تقول إن الملك ريتشارد
الثاني ملك إنجلترا كان أول شخص يرتدي منديلاً كإكسسوار للأزياء أثناء وجوده
على العرش في الفترة ما بين 1377 إلى 1399.
دخول عالم الموضة
منذ بداية القرن الرابع عشر الميلادي بدأ انتشار منديل الجيب في جميع أنحاء أوروبا
وكان قطعة لا يستخدمها سوى أبناء الطبقات العُليا إما كقطعة إكسسوار وكذلك كان
لها استخدامات أخرى في هذه المرحلة كان المنديل يُصنع من مواد أكثر غرابة بما
في ذلك الحرير المُطرز لتصميم أشكال مُختلفة تكون أحد مظاهرالثروة والمكانة الرفيعة.
في هذا الوقت كان المنديل يأتي بأشكال وأحجام مُختلفة وكما في عصر الإغريق القدماء
كان النبلاء الفرنسيون يعطرون مناديلهم بروائح رائعة للقضاء على أي رائحة كريهة
تنتشر حولهم، خاصة مع النقص العام في مرافق الاستحمام.
إلا أن أجمل التصاميم وأكثرها أناقة ظهرت في القرن السادس عشر في إيطاليا،ويُقال
إن كاترين دي ميديشي زوجة ملك فرنسا هنري الثاني استوردتها من فلورنسا إلى
بلادها، واعتبرت هذه المناديل ذات قيمة كبيرة، وغالبًا ما توارثتها الأجيال، وكانت
قيمتها الكبيرة تكمن في جودة تصميمها والمادة المصنوعة منها.
استمر استخدام مناديل الجيب على هذا النحو وأصبحت أكثر شعبية حتى إن الملكة
ماري والملك إليزابيث تسلمتا منديل جيب كهدية لبداية العام الجديد، ومنذ ذلك الوقت
تحولت المناديل إلى هدايا للملوك.
اندماج المنديل مع البدلة
في القرن التاسع عشر عندما أصبحت البدلة المكونة من قطعتين قطعة رئيسية فى
عالم الموضة والأزياء الرجالي لم يرغب الرجال الأنيقون أن تختلط مناديلهم الأنيقة
بالعملات المعدنية وغيرها من الأشياء الأخرى الموجودة في جيوبهم، لذلك نقلوها
وضعوها في الجيب العلوي بسترة البدلة.
وأصبح هذا الأسلوب أكثر شعبية في أوائل القرن العشرين، مع اختلاف طريقة طي
المنديل مع مرور الوقت تمكن منديل الجيب من إثبات نفسه كقطعة إكسسوارأساسية
في عالم الرجل الأنيق الذي يرغب في الظهور في أفضل إطلالة رسمية وبات
يستخدم المناديل المصنوعة من الحرير أو القطن أو الكتان
وبالوصول إلى منتصف القرن العشرين، أصبح نجوم الفن يرتدون مناديل الجيب
ويظهرون في كل مكان بها، ما أعادها مرة أخرى إلى ساحة الأزياء، وأصبحت
مُجددًا قطعة إكسسوار رئيسية، وبات الرجال يستخدمونها للظهور في أبهى طلة.
المناديل في العصور الحديثة
مع مرور الوقت أصبحت مناديل الجيب تتمتع بشعبية كبيرة وباتت جزءا لا يتجزأ
من القطع الأساسية التي يرتديها الرجال الأنيقون والمشاهير والشخصيات البارزة
حرصًا على الظهور في أفضل إطلالة، لكن بعدما أصبح محل العمل يتطلب ارتداء
ملابس تميل أكثر إلى الكاجوال وأقل رسمية توقف كثيرون عن ارتداء ربطة العنق
وكذلك لم تعد البدلة الكاملة أفضل خيار للتوجه إلى محل العمل مع ذلك حافظ منديل
الجيب على مكانتها كعلامة على الأناقة والتميز الشديد.