* معنى المنافسة :
الفرق بين المنافسة والحسد ، أن المنافسة : المبادرة إلى الكمال الذي تشاهد من غيرك ، فتنافسه فيه حتى تلحقه أو تجاوزه ، فهي من شرف النفس وعلو
الهمة ، وكبر القدر ...
قال تعالى : {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} المطففين : 26.
وأصلها من الشيء النفيس الذي تتعلق به النفوس طلبا ورغبة ، فلتنافس
فيه كل من النفسين الأخرى وربما فرحت إذا شاركتها فيه . كما كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتنافسون في الخير ويفرح بعضهم ببعض
باشتراكهم فيه ، بل يحض بعضهم بعضاً عليه مع تنافسهم فيه ، وهي نوع
من المسابقة وقد قال تعالى : {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} البقرة : 148.
وقال تعالى :
{ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء والارض}
الحديد : 21.
وكان عمر بن الخطاب يسابق أبا بكر رضي الله عنهما فلم يظفر بسبقه أبداً
فلمّا علم أنه قد استحق الإمامة قال : والله لا أسابقك إلى شيء أبداً وقال :
والله ما سابقته إلى خير إلا وجدته قد سبقني إليه .
والمتنافسان كعبدين بين يدي سيدهما يتباريان ويتنافسان في مرضاته
ويتسابقان إلى محابِّه ، فسيدهما يعجبه ذلك منهما ، ويحثهما عليه ، وكل
منهما يحب الآخر ويحرضه على مرضاة سيده .
* معنى الحسد :
والحسد : خلق نفس ذميمة وضيعة ساقطة ، ليس فيها حرص على الخير
فلعجزها ومهانتها تحسد مَن يكسب الخير والمحامد ويفوز بها دونها ويتمنى
أن لو فاته كسبها حتى يساويها في العدم ، كما قال تعالى : {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ
كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} النساء : 89. وقال تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ
الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ
لَهُمُ الْحَقُّ} البقرة : 109..
* المنافس والحاسد :
الحسود عدو النعمة متمنٍ زوالها عن المحسود كما زالت عنه هو والمنافس
مسابق النعمة متمنٍ تمامها عليه وعلى من ينافسه فهو ينافس غيره أن يعلو
عليه ويحب لحاقه به ، أو مجاوزته له في الفضل . والحسود يحب انحطاط
غيره حتى يساويه في النقصان
وأكثر النفوس الفاضلة الخيـِّرة تنتفع بالمنافسة فمَن جعل نصب عينيه شخصاً
من أهل الفضل والسبق فنافسه انتفع به كثيراً ، فإنه يتشبه به ويطلب اللحاق
به والتقدم عليه وهذا لا نذمه وقط يطلق اسم (الحسد على المنافسة المحمودة)
كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن ، فهو يقوم به أناء الليل وآناء
النهار . ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار صحيح مسلم.