قال ابن القيم رحمه الله : تبارك وتعالى يدبر أمر الممالك ويأمر وينهي
، ويخلق ويرزق ، ويميت ويحي، ويقضي وينفذ ، ويعز ويذل ، ويقلب
الليل والنهار، ويداول الأيام بين الناس، ويقلب الدول فيذهب بدولة ويأتي
بأخرى ، والرسل من الملائكة بين صاعد إليه بالأمر ، ونازل من عنده
به ، وأوامره ومراسيمه متعاقبة على تعاقب الآيات، نافذة بحسب إرادته
فما شاء كما شاء في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يشاء ، من غير
زيادة ولا نقصان ، ولا تقدم ولا تأخر، وأمره وسلطانه نافذ في السماوات
وأقطارها، وفي الأرض وما عليها وما تحتها، وفي سائر أجزاء العالم وذراته
يقلبها ويصرفها ويحدث فيها ما يشاء ، وقد أحاط بكل شئ علماً ، وأحصى
كل شئ عدداً ووسع كل شئ رحمة وحكمة ووسع سمعه الأصوات يسمع
ضجيجها باختلاف لغاتها على كثرة حاجاتها، لا يشغله سمع عن سمع ،
ولا تغلطه كثرة المسائل ، أحاط بصره بجميع المرئيات ، فالغيب عنده شهادة
والسر عنده علانية. [الوابل الصيب (ص: 62)].