قال رحمه الله تعالى
( وأقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس ، فلا يرى لنفسه حالا ،
ولا مقاما ،ولا سببا يتعلق به ، ولا وسيلة منه يمن بها ، بل يدخل على الله تعالى
من باب الافتقار الصرف ، والافلاس المحض ، دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه
حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع ، وشملته الكسرة من كل جهاته
، وشهد ضرورته إلى ربه عز و جل وكمال فاقته وفقره إليه ، وأن في كل ذرة من ذراته
الظاهرة والباطنة فاقة تامة ، وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى ، وأنه إن تخلى عنه
طرفة عين هلك ، وخسر خسارة لا تجبر ، إلا أن يعود الله تعالى عليه ويتداركه برحمته .
ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية ، ولا حجاب أغلظ من الدعوى !
والعبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها : حب كامل ، وذل تام .
ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك الأصلين المتقدمين ، وهما :
مشاهدة المنة التي تورث المحبة ، ومطالعة عيب النفس والعمل التي تورث الذل التام .
وإذا كان العبد قد بنى سلوكه إلى الله تعالى على هذين الأصلين لم يظفر عدوه به
إلا على غره وغفلة
وما أسرع ما ينعشه الله عز و جل ويجبره ويتداركه برحمته