قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾
تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى عن أَهْلِ الْكِتَابِ: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾ وهي بشرى من اللَّهِ
تَعَالَى للمسلمين بأن أَهْلَ الْكِتَابِ لا يملكون لكم نفعًا ولا ضرًّا، وَلا يملكون لأهل
الإيمان إلا الْأَذَى هُوَ الْأَلَمُ الْخَفِيفُ، من جنس السباب والشتائم، وتشويه صورة
الإسلام ونبي الإسلام صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الأفلام ووسائل الإعلام، والتخويف
من الإسلام.
وليس كما يتوهم المنهزمون نفسيًّا ممن ينتسبون للإسلام أنه لو قامت حرب بين
المسلمين أَهْلِ الْكِتَابِ، لدمروا المسلمين تدميرًا، واستأصلوا شأفتهم، وأبادوا
خضراءهم.
فأين ما يتوهمه هؤلاء مما وعد به رب الأرض والسماءِ؟
بل يخبرنا الله تعالى بما هو أعظم من ذلك وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ والتاريخ
خير شاهدِ، وليسأل المتشككون التاريخَ عما جرى يومَ اليرموك، ويومَ القادسية
وحطين وعين جالوت، وكيف تداعت دولة الفرس تحت سنابك خيل المسلمين
وكيف تحطمت إمبراطورية الروم بسيوف أهل الإيمان؟
وكيف أذل الله تعالى التتار بجنود التوحيد، فرجعوا يجرون أذيال الخيبة، قد
شردوا في الأودية، ومزقهم الله كل ممزق؟
فيا عباد الله إننا ننتظر وعد الله الذي لا يتخلف بالنصر والتمكين؛ ﴿ وَعْدَ اللَّهِ
لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[2].
وهم ينتظرون بَأْسَ اللهِ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينِ، ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا ﴾[3].
وكيف ينتصر من كان الله خصمه؟
وكيف لا ينتصر من كان الله معه؛ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ
عَزِيزٌ ﴾[4].
[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 111.
[2] سُورَةُ الرُّومِ: الآية/ 6.
[3] سُورَةُ الْأَحْزَابِ: الآية/ 62.
[4] سُورَةُ الْحَجِّ: الآية/ 40.