ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر؟ إنَّ الحديث عنها مُتَعَدِّد الجوانب:
أمَّا قَدْرُها ومكانَتُها؛ قد نَوَّه القُرآن عن ذلك {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}
[القدر: 3]
وعن خصائِصِها فقد أشار القرآن إلى اختِصاصها بإنزال القرآن، وبتفضيلها
على ألف شهر، وتَتَنَزَّل الملائكة والرُّوح فيها، بإذن ربهم من كل أمر؛ أي
من أمور القدر على العباد، وما يُقَدّره الله في تلك الليلة المنصوص عليها
في قوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].
أمَّا فضائلها: وهو ما يَعنينا في التكليف والعمل فقد جاء عنه - صلى الله عليه
وسلم - أنه كان يعتكف من أجلها ويكفي مِن فضائلها أنَّ مَن قامَهَا، فَكَأَنَّمَا قام
أو خير مِن قيام - ألف شهرأي أكثر مِن ثمانينَ سَنَة وهو عمر من أطول أعمار
هذه الأمَّة
وما أجدرنا أنْ نَتَحَرَّى هذه الليْلة الَّتي رَبَطَنا الله فيها بوَحْيِ السماء، والتي يُجَدِّد
فيها القدر أقدار العباد، والتي تعلن وتدعو للسلام حتى مطلع الفجر.
إنَّها ليلة لا يعرف حقيقة قدْرِها إلاَّ الله ليلة استضافةِ الأرض لِمَلائكة الملأ الأعلى
ليلة تلقى الأرض فيه بركات السماء ليلةٌ تَتَفَتَّحُ فيها الأبواب لاستجابة الدعاء
ليلةٌ يَتَضَاعَف فيها ما لله سبحانه من عُتَقاء، ليلةٌ يُشَمَّر فيها عن ساعد الجِدِّ
والاجتهاد ويُطْوَى فيها الفراش والمهاد وتُشَد فيها المآزر ولا يَنْبَغِي فيها الرقاد
ليلةٌ في العام كلِّه.