لقد أقسَمَ اللهُ تعالى في سورة الواقعةِ بقسَمٍ مميزٍ، لمْ يأتيِ في القرآنِ قَسَمٌ مِثلُه
بل لقد نوهَ القرآنُ نفسُهُ على عَظمةِ هذا القَسَمِ: فقالَ تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ
النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾وهذا القسَمُ العظيمُ تنبِيهٌ وتأكيدٌ علعَظمةِ
جَوابِ القسَمِ.. وهو قولُهُ تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾، فاللهُ تعالى يُقسِمُ قَسَماً عظِيماً
على أنَّ هذا القُرآنَ عظِيمُ الكرَمِ، كثِيرُ العَطاءِ.. ثمَّ إنَّ هذا العَطاءَ القرآنيَ الكثيِرَ،
فيهِ بركةٌ عَظِيمةٌ، قالَ تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ.. ﴾والشَّيُ المباركُ
هو الكثِيرُ النَّفعِ، أي أنَّ القَدْرَ القَليلَ منه أفضلَ من القَدْرِ الكثيرِ ممَّا لا بركةَ فيه،
فلو كانَ العطاءُ القُرآنيُ قَلِيلاً، وفيهِ بركةٌ، لكانَ عَظِيمَ النَّفعِ.. فكيفَ والعَطاءُ القُرآنيُ
كثيرٌ ومُبارَك، فهو نُورٌ على نُورٍ.. تأمَّلْ هذا الحديث الحسن: "يجِيءُ القُرآنُ يومَ
القِيامَةِ فيقولُ: يا ربِّ حلِّهِ يعنى صَاحِبَهُ، فيُلبَسُ تاجَ الكَرامَةِ، ثمَّ يقولُ: يا ربِّ، زِدهُ،
فيُلبَسُ حُلَّةَ الكَرامَةِ، ثمَّ يقولُ: يا ربِّ ارضَ عنهُ، فيرضَى عنهُ فيقولُ: اقرأ وارتَقِ
ويزدَادُ بكُلِّ آيةٍ حَسنة" وتأمَّلْ أيضاً هذا الحديث الصحيح: أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ
وخاصتهُ
فإذا كانَ القرآنُ الكريمُ المباركُ، سَيُوصِلُ صَاحِبهُ لأنْ يُلبَسَ تاجَ الكَرامَةِ وحُلَّةَ
الكَرامَةِ، ويَرضَى اللهُ عنهُ، ويجعَلَهُ مِنْ أهلِهِ وخَواصِهِ يومَ القيامَةِ، فهَلْ بعدَ هذا
الكَرمِ من كَرمٍ، وهلْ بعدَ هذهِ البرَكةِ من بركةٍ.