* قال الجاحظ: رأيت بالعسكر امرأة طويلة القامة جدا، ونحن على طعام
فأردت أن أمازحها، فقلت: انزلي حتى تأكلي معنا. قالت: وأنت فاصعد حتى
ترى الدنيا .
* تقدمت امرأة إلى قاض، فقال لها: جَامَعَكِ شهودُك؟ فسكتت. فقال كاتبه:
إن القاضي يقول لك: هل جاء شهودك معك؟ قالت: نعم، هلا قلت كما قال
كاتبك، كبر سنك، وقل عقلك، وعظمت لحيتك حتى غطت على لبك، ما رأيت
ميتا يقضي بين الأحياء غيرك
* قال الجاحظ: رأيت جارية بسوق النخاسين (سوق العبيد) ببغداد، ينادى
عليها، وعلى خدها خال أسود، فاقتربت منها وأخذت أفحصها، فقلت لها:
ما اسمك؟ قالت: مكة. فقلت: الله أكبر، قرُب الحج، أتأذنين لي لأن أقبل
الحجر الأسود؟ فقال لي: ألم تسمع قول الله تعالى:
{لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس }.
* اهدت جارية من جواري المأمون تفاحة إليه، وكتبت عليها:
" فكرت في هدية تخف مؤونتها، وتهون كلفتها، ويحل موقعها، فلم
أجد إلا أن أهدي إليك تفاحة، هي أحسن الفاكهة، قد اجتمعت فيها ألوان
قوس قزح من الصفرة الدرية والحمرة الخمرية والشقرة الذهبية، وبياض
الفضة، ولون التبر، يلتذ بها من الحواس: العين ببهجتها، والأنف بريحها،
والفم بطعمها. إن حملتها لم تؤذك، وإن رماك بها أحد لم تؤلمك، فتناولها
بيمينك، ولا تبعدها عن عينك، فإذا طال لبثها عندك، ومقامها بين يديك،
وخفت أن تزول بهجتها، وتذهب نضرتها؛ فكلها هنيئا مريئا ".