العابد
اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
| موضوع: ( الحلال بين والحرام بين ) الأحد 20 سبتمبر 2020 - 5:54 | |
| عن أبى عبد الله النعمان بن بشير رضى الله تعالى عنهما ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات ، لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام ، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، إلا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهى القلب " .( رواه البخارى ومسلم ) . شرح الحديث : هذا الحديث صحيح متفق على صحته . قوله صلى الله عليه وسلم " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس " : أى أن الحلال المحض بين لا اشتباه فيه وكذلك الحرام المحض ولكن بين الأمرين أمور تشتبه على كثير من الناس هل هى من الحلال أم من الحرام ؟ وأما الراسخون فى العلم فلا يشتبه عليهم ذلك ويعلمون من أى القسمين هى : فأما الحلال المحض فمثل : أكل الطيبات من الزروع والثمار وبهيمة الأنعام وشرب الأشربة الطيبة ولباس ما يحتاج إليه من القطن والكتان والصوف والشعر وكالنكاح والتسرى وغير ذلك إذا كان اكتسابه بعقد صحيح كالبيع أو بميراث أو هبة أو غنيمة . والحرام المحض مثل : أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر ونكاح المحارم ولباس الحرير للرجال ، ومثل الاكتساب المحرم كالربا والميسر وثمن مالا يحل بيعه وأخذ الأموال المغصوبة بسرقة أو غصب ونحو ذلك . وأما المشتبه فمثل : ما اختلف فى حله أو تحريمه وقد فسر الأمام أحمد الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام وقال : من اتقاها فقد استبرأ لدينه وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام ويتفرع على هذا معاملة من فى ماله حلال وحرام مختلط فإن كان أكثر ماله حرام ينبغى أن يتجنبه إلا أن يكون شيئا يسيرا أو شيئا لا يعرف . واختلف هل هو مكروه أو محرم على وجهين وإن كان أكثر ماله حلال جازت معاملته والأكل من ماله وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله ، وإن اشتبه الأمر فهو شبهة والورع تركه . وأما متى علم أن عين الشىء حرام أخذ بوجه محرم فإنه يحرم تناوله . وبكل حال فالأمور المشتبهة التى لا تتباين أنها حلال ولا حرام لكثير من الناس كما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم قد يتباين لبعض الناس أنها حلال أو حرام لما عنده من ذلك من مزيد علم ، وكلام النبى صلى الله عليه وسلم يدل على هذه المشتبهات من الناس من يعلمها وكثير منهم لا يعلمها. وقوله صلى الله عليه وسلم " فمن اتقى الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام " : قسم الناس فى الأمور المشتبهة إلى قسمين بالنسبة إلى من هى مشتبهة عليه وهو من لا يعلمها فأما من كان عالما بها واتبع ما دله علمه عليها فذلك قسم ثالث وهذا أفضل الأقسام الثلاثة لأنه علم حكم الله فى هذا الأمور المشتبهة على الناس واتبع علمه فى ذلك . وأما من أتى شيئا مما يظنه الناس شبهة بانه حلال فى نفس الأمر فلا حرج عليه من الله فى ذلك لكن إذا خشى من طعن الناس عليه لذلك فتركها حينئذ استبراء لعرضه فيكون حسنا . والذى يأتى الشبهات مع اشتباهها عليه قد اخبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم أنه وقع فى الحرام فهذا يفسر بمعنيين : الأول : أن يكون ارتكابه للشبهة مع اعتقاده أنها شبهة ذريعة إى ارتكابه الحرام الذى يعتقد أنه حرام بالتدريج والتسامح . الثانى : ان من اقدم على ما هو مشتبه عنده لا يدرى أهو حلال أم حرام فإنه لا يأمن أن يكون حراما فى نفس الأمر فيصادف الحرام وهو لا يدرى انه حرام . وقوله صلى الله عليه وسلم " كالراعى يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه " : هذا مثل ضربه النبى صلى الله عليه وسلم لمن وقع فى الشبهات وأنه يقرب وقوعه فى الحرام المحض والله سبحانه وتعالى حمى هذا المحرمات ومنع عباده من قربانها وسماها حدوده فقال : "تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا " . وقوله صلى الله عليه وسلم " ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب " : إشارة إلى ان صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركه قلبه فإن كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الله وخشية الوقوع فى ما يكرهه صلحت حركات الجوارح كلها . وإن كان القلب فاسدا قد استولى عليه اتباع الهوى وطلب ما يحبه ولو كرهه الله فسدت حركات الجوانح كلها وانبعثت إلى كل المعاصى والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب .
|
|