التنوين فائدته التفرقة بين فصل الكلمة ووصلها فلا تدخل في الاسم إلا علامة
على انفصاله عما بعده ، ولهذا كثر في النكرات لفرط احتياجها إلى التخصيص
بالإضافة ، فإذا لم تضف احتاجت إلى التنوين تنبيهاً على أنها غير مضافة ولا
تكاد المعارف تحتاج إلى ذلك ، إلا فيما قل من الكلام لاستغنائها في الأكثر عن
زيادة تخصيصها وما لا يتصور فيه الإضافة بحال ، كالمضمر والمبهم لا ينون
بحال ، وكذلك المعرف باللام وهذه علة عدم التنوين وقفاً إذ الموقوف عليه
لا يضاف .
واختصت النون الساكنة بالدلالة على هذا المعنى لأن الأصل في الدلالة على
المعاني الطارئة على الأسماء أن تكون بحروف المد واللين وأبعاضها وهي
الحركات الثلاث فمتى قدر عليها فهي الأصل .
فإن تعذرت فأقرب شبهاً بها وآخر الأسماء المعربة قد لحقها حركات الإعراب
فلم يبق لدخول حركة أخرى عليها سبيل ولا لحروف المد واللين ، لأنها
مشبعة من تلك الحركات ولأنها عرضة الإعلال والتغير .
فأشبه شيء بها النون الساكنة لخفائها وسكونها وإنها من حروف الزيادة
وإنها من علامات الإعراب ، ولهذه العلة لا ينون الفعل لاتصاله بفاعله
واحتياجه إلى ما بعده .