القضاء هو الحكم، والقدر هو التقدير، فحينما يحكم الله على عبد بالانحراف
عن منهجه يقدر له تدبيراً حكيماً يرده إليه، قال تعالى :
﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
( سورة السجدة )
يعني إنسان يقف في شرفة، وأمام الشرفة ساحة، والساحة يتفرع منها
عدة طرق فله شخص عزيز في هذه الساحة، مشى في طريق خطرة، علم
هذا الذي وقف في الشرفة أن هذا الإنسان مشى في طريق مؤذية، ينتهي
بملاهٍ ساقطة، فأرسل له من يقنعه أن يعود من هذا الطريق، فالقضاء
والقدر، القضاء حكم، والقدر تقدير حكيم، تدبير.
الآن هذه الحقيقة الدقيقة سأقربها بمثل آخر، نقول: يطلع الطبيب على
مؤشرات ضغط الدم لدى مريض، فيرى الضغط مرتفعاً، يعني 16 ـ 18،
الإطلاع على ضغط الدم المرتفع هذا قضاء حكم، الآن الطبيب يتخذ قراراً،
يمنع المريض من تناول الملح، ويعطيه دواءً مدراً بمقادير دقيقة، فاطلع
على ضغطه المرتفع قضاء، أمر بإيقاف الملح في الطعام وإعطاء دواء
مدراً، هذا القدر، القضاء والقدر.
الآن الطبيب نفسه بعد حين اطلع على هذا المريض، اطلع على مؤشر
الضغط لدى هذا المريض رآه طبيعياً، هذا هو القضاء، هذا هو الحكم،
فقال: أوقفوا حمية الملح، قدموا له طعاماً مع الملح، ويخفض مقدار
الدواء المدر، هذا هو القدر.
فالقضاء والقدر علم دقيق، وأمر حكيم، الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن.
(( لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه
لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ))
[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء