بوفاة الخليفة الفاطمي العاضد سنة 567هـ/1171م والتي تلتها وفاة
نور الدين زنكي570هـ/1174م أصبح صلاح الدين الأيوبي الذي قدم
مصر مع عمه أسد الدين شيركوه سلطانًا عليها فاستقل بها مع اعترافه
بالتبعية للخليفة العباسي.
في هذا الوقت كانت بلدان المشرق العربي تشهد فراغًا سياسيًا بعد وفاة نور
الدين بسبب الانقسامات بين القادة والمتنفذين، وكان الصليبيون يراقبون مايجري
عن كثب ويتحينون الفرص المواتية للتدخل. فلم يكن أمام صلاح الدين سوى أن
يزحف الى الشام لبناء قاعدته الداخلية فتوجه إليها وضمها إلى مصر ثم تابع
معاركه ضد المعارضين إلى أن بلغ الموصل شرقًا ثم اتجه إلى إفريقيا فأرسل
حملة مكنته من الاستيلاء على سواحلها الشمالية واسترداد قابس من النورمانديين،
وبعث بحملة أخرى إلى السودان فضمها إلى ممتلكاته وأرسل أخاه طوران شاه
إلى اليمن فدخلها وضمها مع الحجاز إلى دولته التي أصبحت في نهاية عام
570هـ/1174م قوة إقليمية وسط صخب الأحداث التي كانت تشهدها المنطقة.
وبعد أن اطمأن إلى وضعه الداخلي وجه اهتمامه إلى تحرير بلاد الشام من القوى
الصليبية وتم على يديه تحقيق النصر الكبير في حطين سنة 583هـ/1187م
وأخرج الصليبيين من بيت المقدس وبعض المدن والحصون في سواحل بلاد
الشام، ومع أن الصليبيين حاولوا غزو مصر أكثر من مرة بهدف إضعافها غير
أن صلاح الدين كان على الدوام يتصدى لمحاولاتهم ويحبط خططهم فكان
الجهاد من أبرز سمات عصره، ولكن بعد وفاته سنة 589هـ/1193م تقطعت
أوصال دولته بسبب الشقاق الذي شجر بين إخوته وأبنائه فقام شقيقه الملك
العادل بفرض سيطرته على مصر التي استمر حكمها في أبنائه وأحفاده حتى
نهاية العصر الأيوبي.