خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ-
قال تعالى-والله لا يهدي القوم الظالمين- والكافرون ماداموا كافرين ظالمون.
ختم الله على قلوبهم -والمراد بالقلب محل القوة العاقلة من الفؤاد وصيانة
ما في قلوبهم بل إحداث حالة تجعلها بسبب تماديهم في الغي وانهماكهم
في التقليد وأن القوم لما أعرضوا عن الحق وتمكن ذلك في قلوبهم بقلوب
البهائم التي خلقها الله تعالى خالية عن الفطن أو بقلوب ختم الله تعالى عليها
ومنها أن ذلك فعل الشيطان أو الكافر باعتبار كونه بإقداره تعالى وتمكينه منها
وأن أعراقهم لما رسخت في الكفر
سد لطريق إيمانهم و أمرهم في الغي والعناد وتناهي انهماكهم في الشر والفساد.
و لما كان الكفرة يقولون مثل قولهم قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا
وقر ومن بيننا وبينك حجاب قال تعالى -ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم
عمياً وبكما-
فإنه سبحانه وتعالى أخبر عنهم بأنهم لا يؤمنون وأمرهم بالإيمان، فلوآمنوا
انقلب خبره كذباً، وشمل إيمانهم الإيمان بأنهم لا يؤمنون،وإنما يحدث في
نفوسهم استحباب الكفر والمعاصي واستقباح الإيمان والطاعات بسبب غيهم،
وانهماكهم في التقليد وإعراضهم عن النظر الصحيح فتجعل قلوبهم بحيث لا
ينفذ فيها الحق وأبصارهم لا تجتلي الآيات المنصوبة لهم في الأنفس والآفاق
كما تجتليها أعين المستبصرين، فتصير كأنها غطى عليها وحيل بينهما وبين
الأبصار
ومن دلائل السعادة ؛ التسليم لله فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، فهو يعذب من
يشاء، ويغفر لمن يشاء لحكمة تخفى عن الأرواح- فضلاً عن العقول-
ومن وقف به حظه من الشك والريب فاليتب إلى الله وليعمل بقوله -وَاتَّقُوا
اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّه- ويترك عقله يسبح في غرائب حكمة وعجائب قدرتة
وبدائع صنعة.
حفظنا الله تعالى مما يغضب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ومنحنا
التسليم،ومما يجب أن نحكِّم الله ورسوله في ما شجر بين عقولنا وأنفسنا،
وبين الخيال والوهم، والحس والجسم، بل وبين كل الحقائق وبين ما جاءنا
به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
منقول