اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 138917 تاريخ التسجيل : 11/12/2010 الموقع : مصر أم الدنيا - اسكندرية المزاج : الحمد لله معتـــــــدل
موضوع: من المحن تأتى المنح السبت 30 يونيو 2018 - 4:22
قد ينظر الإنسان إلى الظواهر ويترك البواطن، فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد، إن الذهب حينما يستخرج خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب ويصير ذا قيمة كذلك تفعل المحن بالمسلم، قال تبارك وتعالى : {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (آل عمران: 141). وفوائد المحن كثيرة منها : أنها تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان محبيه من مبغضيه فيظهرون وقت الشدة، أما المحب فيقف بجانبك منصفاً، وأما المبغض فيقف وراءك شامتاً، والشماتة ليست من خلق المسلم وفي الأثر "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك"، وقد قال الشاعر : جَزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خير *** عرَفتُ بها عدوِّى من صدِيقى وفي المحن يبحث لك المحبون عن عذر، والمبغضون يبحثون لك عن عثرة، والمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل... وفي النهاية من المحن تأتى المنح. ومن فوائد المحن : أنها تؤدى إلى مراجعة النفس ومعرفة مسارها ومن أين أُتيت، فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر بالحق ولا يعاند بالباطل، فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه، وإن هذا المثل كمثل رجل عند ولده فهو يحبه لكنه يجده يخطئ ويتنكب الطريق، ومازال يتنكب حتى يخشى عليه من العثرات فهو من فرط حبه له، وإشفاقه عليه، يقسو عليه ويلزمه بأمور شديدة حتى يصنع منه رجلاً، قال الشاعر : قسا ليزدجروا ومن يك حازماً *** فليقسُ أحياناً على من يرحم ومن فوائد المحن : أنها تعرف الإنسان حقيقة الدنيا، وأنها بين لحظة وأخرى تنقلب على صاحبها، ألا فليعمل لله فهو ضمان الفوز، ولا يشغل نفسه بالرزق والدنيا فهى آتية لا محالة. ولقد صدق القائل أرى الدّنيا لمن هي في يديهِ *** عذاباً عند من كثرت لديه تهين المكرمين لها بصُغر *** وتكرم كل من هانت عليه إذا استغنيت عن شيء فدعه *** وخذ ما أنت محتاجٌ إليه ومن فوائد المحن : أنها تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد وفي الحديث : "لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض ولا خطيئة له". ومن فوائد المحن : أنها تجعل بين الإنسان وبين الخطأ والزلل حاجزاً نفسياً عميقاً، فلا يقع فيه مرة أخرى وتجعله يتخذ بعده سبيلا يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله. وختاماً يعجبنى دعاء للشيخ الشعراوى، فيه معان طيبة، حيث يقول رحمه الله : "أحمدك ربي على كل قضائك، وجميع قدرك، حمد الرضا لحكمك لليقين بحكمتك". والحمد لله أولاً وآخراً وهو حسبنا ونعم الوكيل.