من هديه صلَّى الله عليه وسلَّم صلاة القيام. لماذا سنَّ لنا صلاة القيام؟
لهضم الطعام، فلم يكن في زمانه أدوية كالتي عندنا الآن، ولا مشروبات
تعمل على هضم الطعام، فسألوه عن كيفية هضم الطعام للصائمين، فقال
صلَّى الله عليه وسلَّم:
{ أذِيبُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والصَّلاةِ، ولا تَنَامُوا عَلَـيْهِ فَتَقْسُوَ لَهُ قُلُوبُكُمْ }
فإن الدم يتجمع للمعدة بعد الطعام من أجل الهضم، ويقل من بقية أجزاء الجسم،
مما يجعل المرء يشعر بشئ من الكسل، فإذا صلَّى فعند ركوعه تضغط أعضاؤه
على معدته وعلى كبده فيفرزان العصارات اللازمة للهضم، فإذا سجد على جبهته
نزل الدم إلى رأسه فحرك مخه وردَّ إليه شيئاً من يقظته، وبتوالي حركات الصلاة
التي نؤديها لله في صلاة القيام يتوالى على الجسم عملية هضم الطعام وتمثيله
الغذائي بكيفية مريحة للمعدة ومنبهة للأعضاء. فما أصدق قول الله عزَّ وجلَّ لنا
جماعة المؤمنين:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ
اللَّهَ كَثِيرًا) (21الأحزاب).
أيضاً من هديه فيما ذكرناه أنه وأصحابه لم يكونوا يظهرون اهتماماً بالغاً كما
نفعل بطعام الفطور، بل كانوا يرون من العيب ومن الذنب أن يفكر الإنسان فيما
سيفطر عليه قبل ميعاد الغروب، لأنه بذلك اشتغل عن علام الغيوب عزّوجلّ وكان
يحثهم على ضرورة السحور ويقول في ذلك صلَّى الله عليه وسلَّم لمن لا يستطيع
الأكل:
{تَسَحَّرُوا ولَوْ بِجَرْعَةٍ مِنْ ماءٍ}(2)
ويقول لهم:
{ هَلُمُّوا إِلَى الغِذَاءِ الْمُبَارَكِ }(3)
ويقول لهم
{ تَسَحَّرُوا فإنَّ في السُّحُورِ بَرَكَةً}(4)
قال صلَّى الله عليه وسلَّم:
{أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ بَرَكَةٍ، فِيهِ خَيْرٌ، يُغَشيكُمُ اللَّهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ، وَيَحُطُّ
فِيهِ الْخَطَايَا، وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعَاءَ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلاَئِكَتَهُ،
فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرَاً، فَإنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ}(5)
(1)عن عائشة رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب النبوي.
(2)عن أنس رواه أبو يعلى.