سورة الفاتحة هي أول سور القرآن ترتيباً لا تنزيلاً. وهي سورة مكية،
كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وروي عن عطاء بن يسار
وغيره أنها مدنية، ورُوي أنها نزلت مرة بمكة حين فُرضت الصلاة،
وبالمدينة أخرى حين حُوِّلت القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام.
والإجماع على أنها سبع آيات، إلا ما شذ فيه من لا يُعتبر خلافه. فعدَّ
الجمهور المكيون والكوفيون { بسم الله الرحمن الرحيم} آية، ولم يعدوا
{أنعمت عليهم}، وسائر العادِّين -ومنهم كثير من قراء مكة والكوفة-
لم يعدوها آية، وعدوا {صراط الذين أنعمت عليهم} آية، قال ابن عطية:
وقول الله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (الحجر:87) هو
الفصل في ذلك.
أسماء السورة
ذكر المفسرون أسماء عديدة لسورة الفاتحة، منها: الحمد، وفاتحة
الكتاب، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والواقية، والكافية، والشفاء،
والشافية، والرقية، والواجبة، والكنز، والدعاء، والأساس، والنور،
وسورة الصلاة، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة
التفويض. وكل هذه التسميات دالة على معنى واحد، وهو أنها تضمنت
مقاصد القرآن كله، فهي أساسه.
وهذه التسميات ثبت بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وورد
بعضها عن السلف.
وذكروا أسباباً لبعض هذه التسميات، فقالوا:
قال البخاري: سميت أم الكتاب؛ لأنها يُبدأ بكتابتها في المصحف، وبقراءتها
في الصلاة. وقال أبو السعود: سميت أم الكتاب لكونها أصلاً لكل الكائنات.
وقال ابن تيمية: سميت الواجبة؛ لأنها تجب في الصلوات، لا صلاة إلا بها.
وسميت الكافية؛ لأنها تكفي من غيرها، ولا يكفى غيرها عنها.
قالوا: سميت بـ (المثاني)؛ لأنها تثنى في كل ركعة. وقيل: سميت بذلك؛
لأنها استثنيت لهذه الأمة، فلم تنزل على أحد قبلها؛ ذخراً لها.
وسميت أمَّ القرآن؛ لكونها أصلاً ومنشأً له، إما لمبدئيتها له، وإما لاشتمالها
على ما فيه من الثناء على الله عز وجل، والتعبد بأمره ونهيه، وبيان
وعده ووعيده. وقال البقاعي: سميت أمَّ القرآن؛ لأن القرآن جميعه مفصل
من مجملها.
قالوا: وسميت سورة الحمد؛ لأنه سبحانه افتتحها بحمده، فقال:
{ الحمد لله رب العالمين}، و(حمدُه) جل وعلا هو الذي تدور عليه السورة.
قال المفسرون: سميت سورة الشكر، والدعاء، وتعليم المسألة؛ لاشتمالها
عليها. وسميت الشافية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (في فاتحة الكتاب
شفاء من كل داء) رواه الدارمي.
وسميت سورة (الصلاة) لقول الله تعالى في الحديث القدسي:
( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) الحديث، رواه مسلم.
وقد ورد في فضل سورة الفاتحة بعض الأحاديث، منها، ما رواه البخاري
عن سعيد بن المعلى، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (لأعلمنك سورة
هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد)، ثم أخذ بيدي،
فلما أراد أن يخرج، قلت له: ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في
القرآن.؟ قال: {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم
الذي أوتيته).