في شهر كانون ثاني - يناير عام 1809 (قبل حوالي 200 عام) ولد مبتكر هذا الخط -
الفرنسي لوي برايل. إبتكر هذا الخط وهو في الخامسة عشر من عمره فقط!
مَن هو لوي برايل
لوي برايل مكتشف لغة المكفوفين
لوي يفقد بصره
ولُد لوي في - 4 كانون ثاني - يناير عام 1809، وترعرع في مدينة صغيرة بالقرب من باريس (عاصمة فرنسا).
ٌتبدأ قصّة لغة المكفوفين مع لوي الصغير ابن الثلاثة أعوام، حيث كان أباه مَثَله
الأعلى. وأراد لوي أن يصبح مثله. عمل والد لوي في إنتاج معدات للخيول وقطعًا
من الجلد، وباعها لأهل المدينة. كان في ورشة العمل في بيت عائلة برايل أدوات
كثيرة وخطيرة بالنسبة (لطفل في الثالثة من عمره!). في أحد الأيام دخل لوي
إلى ورشة أبيه، وأخذ يتفحّص أدوات العمل. رفع المخرَز( (أداة حادّة جدًّا تُستعمل
في ثقب قطع الجلد)، بعد أن أثار انطباعه بشكل ٍ خاص. ولسوء حظه تعثر لوي
وأصاب المخرز عينه.
في البداية بدى الجرح بسيطًا. ولكن هذا كان في فترة قبل إكتشاف المضادات
الحيويّة حيث لم تكن ثمّة طريقة لعلاج الثلوث الناجم عن الجراثيم. في البداية أخذ
الجرح بالالتهاب، وخلال عدّة أيام تفشى الالتهاب وانتشر إلى عينه الثانية. وفي
غضون عدّة أيام تحوّل لوي من ولد سليم وكثير الحركة إلى ولد معوّق، لايبصر بعينيه .
حياة ضرير
فجأة أصبح لوي بحاجة للتأقلم مع واقع جديد. لوي كثير الطموح الذكي أراد أن
يتعلّم كبقية أولاد القرية. درس لوي في مدرسة القرية مدة سنتين، ولكن كان
من الصعب عليه التعلُّم بواسطة السمع فقط!
قبُل لوي وهو في العاشرة من عمره لمدرسة خاصّة للمكفوفين في باريس. ولكن
في هذه المدرسة أيضًا قام غالبية المعلّمين بالتعليم حسب الطّرق العاديّة للتدريس
، وتوقعوا من الطّلاب استيعاب المعلومات الجديدة بالسمع فقط.
سأل لوي المعلّمين في المدرسة عن وجود كتب خاصّة للمكفوفين. واتضح له أنّه
يوجد في مكتبة المدرسة بعض الكتب الضخمة وفيها الأحرف بارزة. كان بإستطاعة
الطلاب المكفوفين لمس هذه الأحرف البارزة وقراءتها. وجد لوي أنّ هذه الطريقة
صعبة جدًّا وغير ناجحة ، إستطاع إحساس كلّ حرف من الحروف إلاّ أنّه استغرق
وقتًا طويلاً لقراءة جملة كاملة. إستغرق ملامسة كلّ حرف عدّة ثوانٍ وعندما وصل
إلى آخر الجملة ، كان قد نسي بدايتها تقريبًا. كانت هذه الكتب كبيرة وغير مريحة
للاستعمال، والأهم من ذلك، كانت غالية جدًّا. و استطاعت مدرسة لوي شراء 14
كتابًا كهذا فقط!
لوي الشاب أحب القراءة جدًّا. وآمن أنّه لابد من وجود طريقة أسهل من هذه الطّريقة
للقراءة. وفهم أنه إذا بقي الحال على ما هو عليه لن يستطيع الوصول إلى عالم
واسع من المعلومات والأفكار بسبب إعاقته. وأصرّ على ابتكار المفتاح إلى عالم
المعرفة - من أجله ومن أجل باقي المكفوفين في العالم!
خط برايل للمكفوفين
في عام 1821 جاء لزيارة المدرسة ولد كان إسمه السابق تشارلز برباير. عرض
تشارلز على باقي الطلاب إبتكاره المُسمى "الكتابة الليليّة". وهي عبارة عن لغة
رموز مكوّنة من 12 نقطة بارزة. إستعمل الجنود هذه اللغة لنقل رسائل سريّة في
الليل أيضًا. توجب على الجنود قراءة هذه الرسائل في الظلام بواسطة حاسة اللمس.
ولكن وللأسف الشديد كانت هذه اللغة معقدة جدًّا بالنسنة للجنود، ولذلك لم يستعملونها.
سمع لوي برايل عن هذه الفكرة وبشكلٍ مخالف لرأي الجنود قرّر أن هذه اللغة عملية
وصالحة جدًّا للإستعمال!
تمكن بريل أن يكتب طريقة الشيفرة العسكرية التي كان قد اخترعها الضابط الفرنسي
(بيير لسكي) ليرسل التعليمات العسكرية إلى الجيش الفرنسي وهو في حربه مع الألمان
وتتكون أساساٌ من إثنتي عشرة نقطة، ويمكن أن تتكون كل الكلمات بالتبادل، إلا أن
(برايل) استطاع تعديل واختصار الاثنتي عشرة نقطة إلى ست نقط ليسهل الموقف
التعليمي على الكفيف، إلا أن طريقة بريل لم تكن الطريقة الوحيدة للكتابة البارزة
فقد كان هناك طرق أخرى مثل طريقة كتابة الحروف العادية ولكن بالبارز، وطريقة
أخرى تستعمل فيها خطوط ومنحنيات بارزة، إلا أن سهولة طريقة (برايل) وبساطتها
أدت إلى إندثار جميع الطرق الأخرى.
وهناك خلاف في نشأة طريقة الكتابة هذه فبعضهم ينسبها إلى (تشارلس باربير)
المهندس والمخترع والبعض الآخر يقول إنها نشأت عن الحاجة إلى قراءة الشيفرة
العسكرية في الظلام وسمى باربير طريقته أولا "الكتابة الليلية".
وفي سنة 1915 نشر بحثا لفت فيه النظر إلى إمكان استخدام طريقته في كتابة
النوتة الموسيقية للمكفوفين، كما أنه اخترع أيضا لوحا ونوعا من القلم يمكن استخدامه
في الكتابة على الورق بدقة في خطوط موسيقية نقرا بالأصابع ويبدو أن اهتمام (برايل)
باختراع (باربير) يرجع إلى ما أحس به من إمكانية استخدامه في كتابة النوتة الموسيقية
للمكفوفين، فإذا كان الأمر كذلك فإنه من المفيد أن نلاحظ أن أسلوبه في ترتيب النقط في
النوتة الموسيقية هو الجزء الوحيد من طريقته العامة.
وكان أول شيء نشر عن طريقة بريل عام 1837 أما عن طريقته بأكملها فلم تنشر
إلا في سنة 1839 ومع نجاح هذه الطريقة، إلا أنها قوبلت بعدة صعوبات من القائمين
بالأمر في المدارس -فالمدرس أو التلميذ الذي أراد تعلمها كان عليه أن يفعل ذلك خارج
ساعات الدراسة الرسمية- وحتى المدرسة التي بدأت فيها طريقة (برايل) لم تستخدم
رسميا إلا بعد مرور ما يقرب من أربع عشرة سنة وذلك بعد وفاة (برايل) بسنين.
ولم تقبل طريقة برايل في بريطانيا إلا في عام 1869 وأما في أمريكا فبدأ استخدامها
سنة 1860. وقد عدلت هذه الطريقة بعد عام 1919 وعرفت بطريقة برايل المعدلة.