حكم المسعى الجديد لتوسعة مكان السعى بين الصفا والمروة؟
كاتب الموضوع
رسالة
صالح المحلاوى
اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
موضوع: حكم المسعى الجديد لتوسعة مكان السعى بين الصفا والمروة؟ الأربعاء 17 أكتوبر 2012 - 0:57
حكم السعى فى المسعى الجديد لتوسعة المسعى بين الصفا والمروة ******************
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنلا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد: علماء الأمة تحدثوا عن حكم السعي في المسعى الجديد، والمتتبعلما ينشر على الشبكة العالمية "الإنترنت"، يجد أن هناك أحاديث ومقالات وآراءودراسات في المسألة وأنّ هناك بعض الأقوال المتعارضة، والذي فهمته أنّ في نيةالمسؤولين فتح المسعى الجديد الذي هو امتداد للمسعى القديم وجزء منه، وجعله للسعيبين الصفا والمروة، وجعل السعي القديم سعي من المروة للصفا، وبذا يكون المسعى قدتضاعف مرتين. الناظر -ولا سيما فيمن منّ الله عز وجل عليه بالحج في السنواتالأخيرة- يجد ما للزحام الشديد قبل توسعة مرمى الجمار في منى من أثر بالغ في لحوقالمشقة بالحجيج والتي أدّت -في بعض المواسم- إلى موت العشرات منهم، وما ذكرنا فيشأن الرمي نراه ينطبق تماماً على مسألة السعي بين الصفا والمروة. قد كان لهذه المشقة أثر واعتبار في نظر العلماء في توسيعالمطاف نتيجة للزحام البالغ في طوافي الإفاضة والوداع، فما دامت الصفوف قد اتصلت فيداخل صحن الكعبة والناس يطوفون فحاله حال المسجد، والتوسعات التي جرت في الحرمينالشريفين ابتداءً من عهد عمر فعثمان -رضي الله عنهما- فابن الزبير –رضي الله عنه-،ثم أحدث المهدي سنة 160هـ توسعته الأولى في الحرم، ثم في سنة 164هـ أحدث توسعةأخرى، وكانت التوسعة الثانية للمهدي، وأخذ جزءً من الرحبة من المكان الممتد الذيكان من جهة غرب المسعى وأدخله في المسعى، والأئمة ممن ألّفوا في تاريخ مكة كالفاكهيوالأزرقي وغيرهما تكلموا كثيراً حتى إن القطبي في كتابه "الإعلام" ذكر إشكالات فيموضوع السعي، تشبه تماماً الإشكالات الحاصلة في هذا الوقت. وقد وردت أسئلة كثيرة من بلدان العالم من "المملكة المتحدة" و "أمستردام" وأماكن أخرى حول حكم السعي في المسعى الجديد فأجبت بمامفاده: مسألة توسعة المسعى مسألة حاول سماحة الشيخ العلامة محمد بنإبراهيم آل الشيخ -شيح المشايخ وشيخ الشيخ ابن باز رحمهما الله- أن يضبط عرض المسعىفي جهود مشكورة في الجزء الخامس من كتابه "الفتاوى" ودرس موضوع المسعى دراسة جيدة–أثابه الله-، وكان ذلك إبّان التوسعة السعودية الثانية في المسعى والتي كانت أكبرتوسعة في التاريخ، والتي استمرت قرابة عشرين عاماً، ووجد في حينها أنّ المسعى يقبلالامتداد من جهة الشرق، وكانت هناك دور ومنازل على المسعى، والكلام عن المسعىوتوسعته طويل وكثير ولو صرنا نستعرض الكلام بالتفصيل لنصل إلى تأصيل وتقعيد فيالمسألة لاحتجنا إلى وقت طويل، ولكن للقضاء على الخلاف البسيط أرى أنه لا بُدَّ مندراسة هذا الموضوع في المجامع الفقهية وهيئة كبار العلماء، فهذه مسألة كبيرة تحتاجلاجتهاد جماعي ورأي جماعي بعد دراسة المسعى والتطورات والتغييرات التاريخية، وبعدهذه السلسلة الطويلة والكثيرة من الدراسات والأبحاث الجديدة التي لا شك أنها أضافتشيئاً يستحق معه إعادة النظر في دراسة الموضوع مجدداً، أرى أنه لا مانع من أن نذكررأينا ونحاول أن نلملم أطراف المسألة بقدر المستطاع، أقول: سبب الخلاف في المسألةمنذ أن كانت التوسعة؛ هو هل المكان الذي يسعى فيه الناس مكان مقصور محدود أم أنهممدود ؟ وهل عرض المسعى المذكور في كتب تاريخ مكة -مثل كتاب الأزرقي والفاكهيوغيرهما، وقد ذرعوه بخمسة وثلاثين ونصف ذراع- هو المكان المعدّ للسعي، أم أنّ هذاالإخبار عن الأمر الواقع فحسب، والمكان الذي يجزء السعي فيه أوسع من ذلك وأنّ السعيما دام واقعاً بين جبلي الصفا والمروة فهو صحيح ومجزء، وإن هُجر السعي فيه فترة منالزمن، لعدم احتياج الناس لذلك ؟ أرسل الشيخ العلامة السّعدي –رحمه الله- لشيخنا في الإجازةالشيخ عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل مراسلات في مسائل كثيرة ومنها توسعة المسعىبتاريخ 21 ذي الحجة سنة 1375هـ ومما جاء في الرسالة قول الشيخ السعدي لتلميذه: "وكذلك المسعى منهم من قال إنّ عرضه لا يحد بأذرع معينة، بل كل مكان بين الصفاوالمروة فهو داخل في المسعى كما هو ظاهر النصوص من الكتاب والسنة وكما هو ظاهر فعلالنبيصلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعده ومنهم من قال: يقتصر فيه على الموجود لا يزاد فيه إلا زيادة يسيرةأي في عرضه، قال: هذا هو قول أكثر الحاضرين". وصدرت فتوى عن هيئة كبار العلماء في ذلك الوقت أنّ المسعى قدحدّ في عرض محدود ولا تجوز الزيادة عليه، ولذا رأوا أنّ توسعة المسعى تكون من خلالبناء دور ثان علوي بدلاً من مدِّ المسعى من جهة الشرق. والفتوى قد صدرت باسم سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيموكان المفتي العام آنذاك. يقول الشيخ السعدي: "ويظهر من حال الشيخ محمد بن إبراهيم أنهيعمل على قول هؤلاء لأنه لا يحب التشويش ولا الاعتراض على أحد". ثم ظفرت برسالة خطية بقلم العلامة المحقق ذهبي أهل العصرالشيخ المعلمي اليماني –رحمه الله- والرسالة ليست مطولة ولم يمد فيها النفس–كعادته- ولكن ذكر فيها جواز توسعة المسعى ورأى أن العبرة بالسعي لابالمكان. ولسماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رسالة في جواز تنحيةالمقام عن مكانه من أجل التوسعة على الطائفين، وقد سبق لما أن ذكرنا أن الصفوف مادامت أنها موصولة وأنّ الطواف يقع في بيت الله الحرام فمهما زِيْد فالزيادة لها حكمالأصل، وما قارب الشيء أعطي حكمه، كما هو معلوم من كتب أهل العلم، وقد نقل فيرسالته كلاماً جيداً للرملي المسمى بالشافعي الصغير في "نهاية المحتاج" وهوقوله: "لم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياجإليه، فإنّ الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة كل مرة" ثم ظفرت بحواشي عبدالحميد الشرواني ويقولفيها ما معناه "إن ضبط العلماء للمسعى إنما هو ضبط تقريبي ولا حاجة لضبط عرضالمسعى". والسعي طولاً من حيث نقطة البدء والانتهاء في كل شوط معالمرور من بطن الوادي هو الذي فعله النبيصلى الله عليه وسلم،والفقهاء ينصون في كتبهم على وجوب استيعاب المسافة بين الصفا والمروة(1)، وأن البدء بالصفا والانتهاء بالمروة في كل مرة هو شوط، ثم العودة منالمروة إلى الصفا هو شوط ثان، والواجب السعي سبعة أشواط دون النظر إلى عرض المسعىذلك أنّ الصفا جبل والمروة جبل والعبرة أن يقع السعي بينهما، فإذا كانت التوسعةالجديدة ضمن عرض المسعى فلا ينبغي التردد في الجواز ألبتة، وعرض المسعى اليوم عشرونمتراً والجبال -كما هو معلوم- من حيث العرض أوسع من عشرين متراً، ذلك أنّ أصل السعيكما في "صحيح البخاري" برقم (3364) من حديث ابن عباس في قصة إبراهيم مع أم إسماعيلوالقصة طويلة وأنه تركها وابنها بقرب بيت الله الحرام وفي آخر القصة "وجعلت أمإسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي وضعه بجانبها حتى إذا نفذ ما فيالسقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال يتلبط، فانطلقت كراهية أنتنظر إليه وهو يموت، فانطلقت فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثماستقبلت الوادي تنظر فلم تر أحداً، ثم هبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرفذراعها ثم سعت أي ركضت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة -الجبلالذي يقابل الصفا- فقامت عليه فنظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبعمرات، قال ابن عباس قال النبيصلى الله عليه وسلم: "فذلك سعي الناس بينهما" أي فعل أم إسماعيل الذي فعلته.
واجهة المسعى الجديد بين الصفا والمروة
حكم المسعى الجديد لتوسعة مكان السعى بين الصفا والمروة؟