اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56607 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: قلوب ملئت بحب المصطفى صل الله عليه وسلم الثلاثاء 27 ديسمبر 2016 - 11:11
عندما حاصر عمرو بن العاص بجيشه حِصْن بابليون بمصر، وطلب منه المُقوْقس زعيم القبط بمصر أن يُرْسِل إليه رجلاً من عنده ليفاوُضه فأرسل إليه عُبادة بن الصامت رجل من فقراء الصحابة لا يملك من الدنيا وحُطامها إلا أثْمالاً بالية يلبسها على جسده، ولكنه يملك نفساً غنِّية بالله، وقلباً مملوءاً بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه المقوقس خاطبه قائلاً: أراكم ما خرجتم إلا لأنَّ أرضكم أرض قحط، ليس بها زرع ولا ماء، وقد جئتم إلينا تطلبون القُوت والطعام والرخاء والمال، فإن شئتم جعلنا لكلَّ رجل منكم مائة دينار في كل عام، ولكل أمير جماعة ألف دينار في كل عام، ولقائدكم مثل ما يأخذ الجميع في كل عام، وترجعوا عن غزونا، فماذا قال عُبادة بن الصامت رضي الله عنه؟قال له: (غرَّك مالك، لو كنَّا نبغي المال ما جئنا هاهنا، ولو كنَّا نطلب بجهادنا الدُّنيا ما رفعنا سيوفنا، ولا عرَّضنا أنفسنا للقَتْل، ولكن خرجنا لنُنْقذ النَّاس من ظُلمات الجاهلية لعبادة الله عز وجل، فاختر لنفسك ومن معك واحدة من ثلاث: إما الإسلام، وإما الجِزْية، وإما السَّيف) وهذا ما قال شِبْهه أيضاً رَبْعى بن عامر عندما دخل على رُسْتم قائد الفرس، وبمثل هذا كان ردَّ كلَّ قائد من قادة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الملك الذي أرْسل إليه لم تحجبهم الدنيا وزخرفها عن المبدأ الذي تربُّوا عليه، بل تأسُّوْا فيه برسولهم ورسولنا صلوات الله وسلامه عليه، وقد كان الشعار الذي أمرهم صلى الله عليه وسلم به: { عِشْ حَمِيداً ومَتْ شَهِيداً }(1) فما نتيجة هذا الشعار ؟ أن تحيا فى الآخرة سعيداً عش حميداً بالسير على مبادئ الإسلام، ولا تلفتك الشهوات والزخارف ولا المطالب عن أخلاق الإيمان، ولا تغتر بالدنيا وزخارفها، ومت شهيداً مجاهداً على دين الله عز وجل تحيا سعيداً يوم لقاء الله سبحانه وتعالى. هذا المبدأ الإسلامي الخالد، نحن في أمس الحاجة إليه في حياتنا الآن، فما أكثر من يحيا منا على الإيمان ويتربى على مائدة القرآن، وينشأ في أحضان أبوين مؤمنين طاهرين، وبمجرد أن يعرض عليه عرض رخيص من عروض الدنيا، تجده يتحول عن طريق الله عز وجل، يتحول عن الإيمان من أجل بضع ملايين رخيصة يبيع دينه بعرض قليل من الدنيا بل ربما لا يحصل عليه، وربما يكون السجن في انتظاره بعد الحصول عليه، فلا يتهنى به في دنياه، ويعذب عليه أشد العذاب يوم لقاء الله عز وجل. قد تغريه فاتنة حسناء، فيغير جلده الإيماني، ويتحول إلى خنزير سفاد من أجل هذه السلعة الرخيصة، من أجل امرأة فاسقة، والنساء المؤمنات كثيرات، وفيهن خير كثير: (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) (221البقرة). نحن في حاجة ماسة إلى التأسي بهذا المبدأ يا إخواني، لأن الدنيا قد تبرجت وتزخرفت وتزينت، وأمواج الكافرين تأتي لنا في كل طرفة عين بما يخلعنا عن ديننا لو عملناه وما يغير علينا إيماننا لو اتبعناه، وبما يسلخ إيماننا من قلوبنا ويتركنا في خواء من دين الله وشريعة الله لو طبقناه، كل ذلك طمعاً في عيش قد يكون قليل، وربما يكون وراءه أو فيه عذاب كبير فقد يتحصل المرء على المال من طريق حرام وينفقه عند الأطباء، ولا يتم له الشفاء، وقد يحصل على المال الحرام، ولا يُمْهله العمر ليتوب، فيأتيه الموت بغتة، فيحمله كله على عنقه يوم لقاء الله سبحانه وتعالى. قال صلى الله عليه وسلم: { من تمسَّك بسنُّتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد } (2)