اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 37678 تاريخ التسجيل : 25/02/2010 الموقع : ايطاليا العمل/الترفيه : دكتورة صيدلانية وافتخـــر المزاج : الحمد لله
موضوع: ما المقصود بعالمية الاسلام؟! الجمعة 6 مارس 2015 - 14:59
نسمع كثيرا هذه الجملة، و لكن هل حقا الاسلام دين عالمى، هل بإمكانه أن يستوعب الإختلافات وإن يتعامل معها؟. لعل ما سبق ذكره يعد شاهدا على هذا، فسعى الإسلام للتكامل مع الأديان السابقة والبحث عن نقاط مشتركة يعد خطوة على طريق العالمية. وبالنظر إلى الإسلام فإنه ومنذ اللحظة الأولى قدم نفسه كدين عالمى فالله لم يرسل رسوله {الا رحمة للعالمين}.. [الانبياء : ١٠٧]. {وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.. [سبأ : ٢٨]. إلا أن الدعوة لن تصبح عالمية إذا أكتفت بالإدعاء دون تقديم فلسفة للتعامل مع التنوع والإختلاف، فإدعاء العالمية لا يفيد أن كرهت التنوع ولم تملك طرقا للتعامل. إلا أن هذه الشبهة أبعد ما يكون عن الإسلام ففى الإسلام التنوع رحمة، ومعرفة وإتساع أفق {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}.. [الحجرات : ١٣]. وقد قال ابن عربى المتصوف الكبير فى ذلك "لا كرامة فى النسب لتساوى الكل فى البشرية والتى تنتسب إلى ذكر وأنثى. والإمتياز بالشعوب والقبائل إنما يكون لاجل التعارف بالإنتساب لا للتفاخر فإنه من الرذائل المحرمة". هذا التنوع البشرى هو ما عده الله من العلامات الدالة على إعجازه فقال: {من الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك إنما يخشى الله من عبادة العلماء، ان الله عزيز غفور}.. [فاطر : ٢٨]. لن يسع أحد أن يدرك قيمة هذا الإختلاف والتنوع إلا ويؤمن بالله، فمتى فهم الفرد بأن التنوع لا يتعارض مع الدين وأن الوصول لله ليس حكرا على أحد وأن البشر كلهم سواء أمام الله، الا ويؤمن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث ورد فى الترغيب والترهيب: "لا فضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا أحمر على أسود ولا لاسود على أحمر الا بالتقوى، أن أكرمكم عند الله أتقاكم" وفى رواية أخرى بداء الحديث بالبداية الشهيرة "الناس سواسيه كأسنان المشط.." لم يعرف الإسلام تفضيل لعرق على عرق، فالعنصرية هى الخطيئة الأولى لا الأكل من الشجرة. نعم، فبالعنصرية عصى الشيطان ربه حين استهان بالانسان لانه من طين. نعم، انها العنصرية التى لازال يعانى منها الغرب والذى لم يستطع ان يتخطاها إلا فى أواخر الستينات مقرونا بالثورة الطلابية فى فرنسا. لن تستطيع حضارة أن تنهض عدون التعاون من الأخر، دون أن تحترم الأخر وتتقبله، دون أن تبحث عن نقاط مشتركة بين الكل. أن قلت بأن هذه القيم وجدت فى أديان سابقة او فى أفكار وأراء أخرى، نعم عندك حق وما المشكلة فى هذا؟. لماذا نتعامل من منطلق نحن او هم، فلنتحد كلنا إذا فى هذا. قد تتصارع شعوب وتيارات لان كلا منها يرى بأنه هو وحدة من يحمل الخير، ولو كان فيهم خير لما أقتتلوا، إنما لسعوا جاهدين لإقامتها. فالعدل والمساواة والحرية والشفقة والرحمة والخصوصية والسعادة وحق الفرد فى حياة كريمة، والسلام والتواصل البشرى، والتنوع، هى قيم عالمية فكل البشر فى العالم يفهمونها ويريدونها ويسعون اليها. ووجود جماعة او دين يسعى إلى تحقيقها لا يعنى بانه هو فقط من يحتكرها ولكن تعنى بأنه يسعى إلى تحقيقها والتعاون مع من يسعى إلى ذلك. ما توصل إليه العالم الأن عرفه المسلمون منذ ألف وربعمائة سنة، فلا ينفك التاريخ ذاكرا لجماعات وديانات متنوعة أستقرت وعاشت بل وحصل بعض رجالها على مناصب مرموقة فى العالم الاسلامى وهو ما توصل اليه العالم الان.