من الصعب جداً تخيل ذلك المشهد .. جو شديد البرودة وعربة موتى تجرها الخيول تخرج من مدينة فيينا إلى مقبرة سانت ماركس يشيعها خمسة أشخاص فقط .. تلك كانت جنازة عبقري الموسيقى "موتسارت" التي لم يحضرها أحد حتى زوجته نظراً لأن الجو كان شديد البرودة وقتها.
فرغم قصر حياته "35 عاماً" إلا أنه ترك وراءه إرثاً موسيقياً خالداً يعزفه أكبر الموسيقيين وتتزين به شوارع مدينة سالزبورغ وفيينا والعالم.
واليوم تمر علينا ذكرى وفاة الموسيقار العالمي الذي ألف حوالي 626 عملا موسيقيا، وكان واحدا من النابغين في الموسيقى والتأليف حيث شرع في ممارسة العزف في سن الخامسة وشارك في الحفلات الموسيقية في قصور النمسا حتى أصبح واحدا من مشاهير ومبدعى الموسيقى في العالم .
ولد فولفغانغ أماديوس موتسارت في 27 يناير عام 1756 في سالزبورج بالنمسا، وكان والده مفوضاً لإدارة الأوركسترا لدى رئيس الأساقفة في سالزبورج كما كان معلماً خبيراً، وكان له شقيقة تكبره تدعي "نانيرل" حينما بلغت السابعة، شرع والدها في تعليمها العزف على آلة "الكيبورد"، وكان موتسارت يراقبهما وهو في الثالثة من عمره، وحينما بلغ الرابعة، أخذ والده يعطيه دروساً موسيقية وكانها ألعاب، فاستطاع تدريبه على عزف مقطوعات على "الكيبورد" في بضعة دقائق، فكان يعزف بانطلاق في دقة عظيمة، منضبطاً في الإيقاع.
وخلال جولته مع أسرته في أوروبا بدا موتسارت وأخته عبقريين صغيرين، حيث بدأت الرحلة بعرض في ميونيخ عام 1762 كذلك في براغ وفيينا، ولم يترك موتسارت أي نوع من الموسيقى إلا وقد برع في تأليفه، وعلى ذلك فإن له 22 عملاً في الأوبرا و41 سيمفونية وأعمالاً كثيرة أخرى من الموسيقى الكنسية وموسيقى الكونشيرتو.
ومن أهم أعماله السيمفونية رقم 41 (جوبيتر) ودون جيوفانى والناى السحرى وكوزي فان توتي، كما عمل بين عامي 1774م ، 1777م قائداً للأوركسترا في سالزبورج وألف مزيداً من المسرحيات الأوبرالية، كما ألف عملين أوبراليين حينما زار إيطاليا في عام 1780م ،كما كان أول مؤلف موسيقى يضع فهرساً لأعماله التي نشرت للمرة الأولى عام 1862م.
وبسبب عدم توفر المال الكافي، تدهورت أحوال موتسارت الصحية إلى أن جاء شخص مجهول الهوية يعتقد بعض المهتمين بحياة موتسارت بأنه المؤلف "أنطونيو ساليري" الذي كان يحقد عليه وعارض عليه مبلغاً كبيراً من المال مقابل أن يؤلف له موسيقى القداس الجنائزى (ريكويمRequiem ) ووافق موتسارت وبدأ بالتأليف لكنه توفى 5 ديسمبر 1791 بمرض الحمى قبل أن ينهيها، ويقال أن أحد طلابه قام بتكملة القداس الجنائزى.
دُفن موتسارت بإحدى ضواحي العاصمة النمساوية فيينا، في مقبرة سانت ماركس في 7 ديسمبر، ولم يحضر أحد جنازته سوى خمسة أشخاص فقط ولم تكن زوجته بينهم لأن الجو كان شديد البرودة وقتها.