اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 18119 تاريخ التسجيل : 15/11/2011 الموقع : المحلة - مصر المحروسة العمل/الترفيه : اخضائى اجتماعى المزاج : متوفي //
موضوع: فضيلة السخاء وذم البخل فى الاسلام الثلاثاء 6 مايو 2014 - 2:14
فضيلة السخاء إعلم أن المال إن كان مفقوداً فينبغي أن يكون حال العبد القناعة ، وإن كان موجوداً فالإيثار والسخاء والتباعد عن البخل (1) ، قال :السخاء شجرة من شجر الجنة أغصانها متدلية إلى الارض ، فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الغصن إلى الجنة . والشح شجرة في النار فمن كان شحيحاً أخذ بغصن من أغصانها فلم يتركـه ذلـك الغصـن حتـى يدخلـه النـار . وقال ) : قال جبرائيل قال الله تعالى : إن هذا دين إرتضيته لنفسي ، ولن يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه ما استطعتم وفي رواية فأكرموه بهما ما صحبتموه. وقال :ما جبل الله ولياً إلا على السخاء وحسن الخلق .وعن جابر قال : قيل يا رسول الله أي الإيمان أفضل قال الصبر والسماحة . عن عائشة : إن إبن ألزبير بعث إليها مالاً في غرارتين ثمانين الفاً ومائة ألف ، فدعت بطبق فجعلت تقسمه بين الناس ، فلما أمست قالت : يا جارية هلمي فطوري ، فجائتها بخبز وزيت ، فقالت لها : أم درة ما استطعت فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحماً نفطر عليه ، فقالت : لو ذكرتيني لفعلت . وأعلم أن أرفع الدرجات في السخاء الإيثار ، وهو أن يجود بالمال مع الحاجة إليه والسخاء هو الجود بما فضل عنك وقد أثنى الرب سبحانه وتعالى على الصحابة فقال : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (2) . وقال عيسى :أيما رجل إشتهى شهوة فرد شهوته وآثر على نفسه غفر له . وحكي أنه نزل برسول الله ضيف ، فلم يجد عند أهله شيئاً فدخل عليه رجل من الأنصاروحمله إلى أهله ، فوضع بين يديه الطعام ، وأمر أمرأته باطفاء السراج وجعل يمد يده في الطعام كأنه يأكل ولا يأكل حتى أكل الضيف الطعام ، فلما أصبح قال له رسول الله :لقد عجـب الله مـن صنيعكم إلـى ضيفكـم فنزلت هذه الآية الكريمة : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ(3) . يقول الإمام علي بن أبي طالب : السخاء : ترك الامتنان عند العطاء (4) . ويقول: السخاء : هو ماكان ابتداء ، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم (5) . يقول الإمام جعفر الصادق : السخاء : هو من أخلاق الأنبياء ، وهو عماد الدين ، ولا يكون مؤمناً إلا سخى ، ولا يكون سخياً إلا ذا يقين وهمة عالية ، لأن السخاء شعاع نور اليقين . من عرف هان عليه ما بذل (6) . ويقول الشيخ معروف الكرخي : السخاء : إيثار ما يحتاج إليه عند الإعسار(7) . ويقول الشيخ ابو عبد الرحمن السلمي : قال بعضهم السخاء : هو المبادرة إلى العطية قبل السؤال( . ويقول الإمام القشيري : عند القوم ، السخاء : هو الرتبة الاولى ، والجود هو بعده ثم الإيثار . فمن أعطى البعض وأبقى البعض فهو صاحب سخاء ، ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شيئاً فهو صاحب جود ، والذي قاس الضرر وآثر غيره بالبلغة ( فإنه ) صاحب إيثار(9) . ويقول الشيخ أبو سعيد الخراز : غاية السخاء : بذل النفس والمال والـروح للخلـق على غايـة الحيـاء(10) . ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي : عطاء السخاء : فهو العطاء على قدر الحاجة ، وذلك عطاء الحكمة ، فهو من إسمه الحكيم. فسخاء الحق: قول موسى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (11) . . . وأما سخاء العبد : فإعطاؤه كل ذي حق حقه وإنصافه ، فلنفسه عليه حق ، ولأهله عليه حق ، ولعينه عليه حق ، ولزوره عليه حق (12) . ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي : السخاء درجة في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن أخذ بغصن منها قادته اليها . والشح شجرة في النار وأغصانها في الدنيا . فمن أخذ بغصن منها قادته اليها . وقلب المؤمن جنته ، والسخاء شجرته وأغصانها ممتدة في جوارحه ، فلا تزال جوارحه مبسوطة في الخير ، مقبوضة عن الشر ، وذلك خلق رباني ، فإن يدي الرحمن مبسوطتان ينفق بهما ( في ) الليل والنهار. (13) ويقول الشيخ ذو النون المصري : بينما أنا أسير في جبل إنطاكية إذا أنا بجارية . . . قالت : أي شيء السخاء ؟ قلت : البذل والعطاء ؟قالت : هذا سخاء في الدنيا ، فما السخاء في الدين ؟ قلت : المسارعة إلى طاعة رب العالمين . قالت : فإذا سارعت إلى طاعة المولى فهو أن يطلع على قلبك وإنت لاتريد منه شيئاً ، ويحك ياذو النون إني أريد أن أطلب منه شيئاً منذ عشرين سنة فأستحي منه مخافة أن أكون كأجير السوء إذا عمل طلب الأجرة ، ولكن أعمل تعظيماً لهيبته وعز جلاله (14) . ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي : حكي أن صوفياً دخل بلدة فوجد أهلها كلهم أغنياء .فقال لهم : كنت أعهدكم أن الغالب منكم فقراء . فقالوا له : إن الشيخ فلان أغنانا . فقال : ذاك رجل فقير فكيف أغناكم ؟ فقالوا : علمنا السخاء والكرم ، فعطف بعضنا على بعض فصرنا كلنا أغنياء (15) . ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي : حكي أن إمرأة قالت لجماعة ما السخاء عندكم ؟ قالوا : بذل المال . قالت : هو سخاء أهل الدنيا والعوام ، فما سخاء الخواص ؟ قالوا : بذل الجهود في الطاعة . قالت : ترجون الثواب ؟ قالوا : نعم . قالت : تأخذون العشرة بواحد لقوله تعالى : مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (16) فأين السخاء ؟ قالوا : فما عندك ؟ قالت : العمل لله لا للجنة ولا للنار ولا للثواب وخوف العقاب ، وذلك لا يمكن إلا بالتجريد والتفريد والوصول إلى حقيقة الوجود(17) .
في ذم البخل قال الله تعالى : وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (18) . وقال الله تعالى : وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (19) . وقال : إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن يسفكوا دماءهم فاستحلوا محارمهم .وقال عيسى لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ولا سيء الملكة . وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله : خصلتان لاتجتمعان في المؤمن البخل وسوء الخلق (20 ) . ويقول علي بن أبي طلب : البخـل : جامع لمساوي العيـوب ، وهو زمام يقـاد بـه إلى كــل سـوء ( 21 ) . ويقول الشيخ الإمام القشيري : البخل رؤية قدر الأشياء (22) . ويقول أيضا : حد البخل – على لسان العلم – منع الواجب . وبخل كل أحد على مايليق بحاله ، وكل من آثر شيئاً من دون رضاء ربه فقد إتصف ببخله ، فمن يبخل بماله تزل عنه البركة حتى يئول إلى وارث أو يزول بحارث ، ومن يبخل بنفسه ويتقاعس عن طاعته تفارقه الصحة حتى لايستمتع بحياته ، والذي يبخل بروحه عنه يعاقب بالخذلان حتى تكون حياته سبباً لشقائه (23 ) . ويقول الشيخ محمد بن الفضل البلخي : البخيل من يلتذ بالإمساك كما يلتذ السخي بالبذل ( 24 ) . يقول : الشيخ الأكبر ابن عربي في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ يَبْخَلُتونَ وَيَأْمُـرُونَ النَّـاسَ بِالْبُخْـلِ (25 ) أولاً بإمساك كمالاتهم وعلومهم في مكامن قرائحهم ومطامير غرائزهم لا يظهرونها بالعمل فيها بوقتها ، ثم بالإمتناع عن توفير حقوق ذوي الحقوق عليهم ، لا يبذلون صفاتهم وذواتهم بالفناء في الله لمحبتهم لها ، ولا ينفقون أموال علومهم ، وأخلاقهم وكمالاتهم على . . . المستحقين (26) . إعلم أن البخل سببه حب المال ، ولحب المال سببان (27) : أحدهما : حب ألشهوات ولا وصول إليها إلا بالمال مع طول الأمل ، فانه لو قدر بقاء نفسه يوماً أو شهراً . فلربما سمحت نفسه باخراج المال ، ولعل ولده يقوم مقام طول الأمل فيمسك ما جاء لأجلهم ، ولذلك قال عيسى : الولد مبخلة مجبنة مجهلة وإذا أضيف إلى ذلك خوف الفقر ، وقلة الثقة بمجيء الرزق قوي البخل لا محالة . والسبب الثاني : أن يحب عين المال فيعلم أنه قط لا يحتاج إليه ، وهو شيخ ولا ولد له ولكنه يحب المال لعينه وهذا مرض في القلب مزمن ، والعياذ بالله . وهو كمن عشق شخصاً ثم أحب رسوله ونسبه ، إذ المقصود من الدنانير والدراهم الوصول إلى الأغراض ، وهذا قد نسي المقصود وعشق الوسيلة والواسطة . فمن رأى بينه وبين الحجر فرقا ً إلا من حيث كونه وسيلة إلى الحاجات فقد جهل . وأعلم أن علاج البخل تقليل الشهوة ، وكثرة ذكر الموت والتأمل في موت الأقران ، وزيارة القبور ، وتأمل ما فيها من الديدان والتفكر في تلك الأحوال ويعالج التفات القلب إلى الولد ، بأن خالقه خلق معه الرزق ، فكم من ولد ورث ولم يكن ذلك رزقه ، وكم من ولد لم يرث ورزقه الله تعالى أموالاً . وإن ولده إن كان صالحاً فالله تعالى يتولى الصالحين . وإن كان فاسقاً فلا كثر الله في المسلمين أمثاله فانه يستعين بماله على المعاصي . ومن المنافع التأمل في ذم الناس للبخلاء ونفرة ألطباع عنهم ومدحهم للأسخياء ورغبتهم فيهم وقال تعالى : الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء(28) .