اعلام خاصة : الجنس : عدد المساهمات : 35540 تاريخ التسجيل : 25/02/2010
موضوع: الرجولة بين المظهر والمضمون السبت 1 فبراير 2014 - 20:05
الرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه و الثناء عليه ، و يكفيك إن كنت مادحاً أن تصف إنسانا بالرجولة ، أو أن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ . و مع أنك ترى العجب من أخلاق الناس و طباعهم ، و ترى مالايخطر لك على بال ، لكنك لاترى أبداً من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة . و رغم اتفاق جميع الخلق على مكانة الرجولة ، إلا أن المسافة بين واقع الناس و بين الرجولة ليست مسافة قريبة ، فالبون بين الواقع و الدعوى شاسع ، و واقع الناس يكذب ادعاءهم. وف ي عصر الحضارة و المدنية المعاصرة ، عصر غزو الفضاء و حرب النجوم ، عصر التقنية و الاتصال ، ارتقى الناس في عالم المادة ، لكنهم انحطوا في عالم الأخلاق و القيم ، صعدوا إلى الفضاء و أقدامهم في الوحل و الحضيض ، تطلعوا إلى الإنجاز المادي وهممهم حول شهواتهم و أهوائهم ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ). و ورث المسلمون من هؤلاء العفن و الفساد ، ورثوا منهم مساويء الأخلاق ، و ساروا وراءهم في لهاث و سعار ، فلاللمدنية و الحضارة أدركوا ، و لالأخلاقهم و رجولتهم أبقوا ؛ فاندثرت الأخلاق و الشيم مع عالم المادة ، و صرنا بحاجة إلى تذكير الرجال بسمات الرجولة ، و أن نطالب الشباب ، أن يكونوا رجالاً لاصغاراً و لامجرد ذكور ، فكم بين وصف الذكورة و الرجولة من فوارق. معنى الرجولة - الرجل : قد يطلق و يراد به الذكر ، و هو ذلك النوع المقابل للأنثى ، و عند إطلاق هذا الوصف ، لايراد به المدح ، و إنما يراد به بيان النوع كما قال تعالى : ( للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون و للنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون مما قل منه أو كثر ) ، ( و إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ). و قد تطلق الرجولة ، و يراد بها وصف زائد ، يستحق صاحبه المدح ، و هو ما نريده نحن هنا .. ، فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة و المروءة و الكمال ، و كلما كملت صفات المرء ، استحق هذا الوصف أعني أن يكون رجلاً ، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال : (وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى ) . فهي صفه لهؤلاء الكبار الكرام ، الذين تحملوا أعباء الرسالة ، و قادوا الأمم إلى ربها ، و هي صفة أهل الوفاء مع الله الذين باعوا نفوسهم لربهم ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ). وصفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن الذكر و الآخرة ، ( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَ لابَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقَامِ الصَّلاةِ وَ إِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصَارُ ) . إنهم الأبرار الأطهار ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ ، وَ اللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) و الذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم و السنة النبوية ، يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة هم الذين يستضيؤون بنور الإيمان ، و يحققون عبادة الرحمن ، و يلتزمون التقوى في صغير حياتهم و كبيرها كما قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، و عندما سئل عليه الصلاة و السلام : [ من أكرم الناس ؟ ، قال : أتقاهم لله ] ، ( متفق عليه ) . الرجولة بين المظهر و المضمون الرجولة وصف يمس الروح و النفس و الخلق ، أكثر مما يمس البدن و الظاهر ، فرب إنسان أوتي بسطة في الجسم و صحة في البدن ، يطيش عقله فيغدو كالهباء ، و رب عبد معوق الجسد قعيد البدن ، و هو مع ذلك يعيش بهمة الرجال . فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهراً ، فابحث عن الجوهر و دع عنك المظهر ؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ، و يسحرهم بريقها ، فمن يُجلّونه ، و يقدرونه ليس بالضرورة أهلاً للإجلال و التوقير ، و من يحتقرونه ، و يزدرونه ، قد يكون من أولياء الله و عباده الصالحين .