زَرَعَ اللهُ في داخل كل إنسان فطرةً لا تبديل لها، فقد قال تعالى:
{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:30]، ومن سمات هذه الفطرة أن نفس
الإنسان تُحبُّ الشيءَ الجميل وتنقاد إليه، وأن وجود الشيء الجميل يبعث
روحًا من الطمأنينة والسكينة والسرور في المكان كله، ويشمل هذا الجمال
شكل الإنسان، وهيئته، وملابسه، ونظافته، ومن هنا جاءت السُّنَّة النبوية
داعمة لجمال هيئة المسلم وحُسْنِ مظهره ، بل أخبر رسولُ الله صلى الله
عليه وسلم أن جمال مظهر المسلم من الأمور التي يحبها الله عز وجل.
فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»،
قَالَ رَجُلٌ: "إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ:
«إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ»"، فهذا نصٌّ
على أن الله يحب الجَمَال، وكان الجَمَالُ في القصة ثوبًا حسنًا، ونعلًا حسنًا،
فهذا شيءٌ يحبه الله تعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب اللباس
الطيب، وقد روى البخاري عن البَرَاءَ رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ».
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى مسلمًا بثيابٍ متَّسخة ، فقد
روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما،
قَالَ: "أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ:
«أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ»،
اتى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً
يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ»".
وعليه فإن المسلم عليه أن ينتقي ثيابه ونعله وكلَّ ما يُصِلح هيئته، وكل
ذلك من السُّنَّة، إلا أن يكون منهيًّا عنه، كلبس الحرير للرجال، أو تشبُّه
الرجال بالنساء، أو العكس، ولْيعلم كلُّ مسلمٍ خرج بزيٍّ طيب أنه مأجورٌ
من الله تعالى، وكيف لا يُؤجَر وقد أحبَّ اللهُ هيئته؟!
ولا تنسوا شعارنا قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54].