اعلام خاصة : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ الجنس : عدد المساهمات : 56600 تاريخ التسجيل : 16/10/2011 الموقع : الاسكندرية المزاج : مشغول
موضوع: بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 16:51
الامتحانات موسم يتكرر كل فصل دراسي ، يجني خلاله الطلاب والطالبات ثمرة غرسهم وحصاد زرعهم ، وهي وسيلة قديمة قدم الإنسان نفسه لتقويم المستوى و معرفة مدى لاستيعاب ، قال تعالى : " و إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ، قال إني جاعلك للناس إماما " قال الإمام ابن كثير : " أي واذكر يا محمد لهؤلاء ابتلاء الله لإبراهيم ، اختباره له بما كلفه به من الأوامر والنواهي ، فأتمهن أي قام بهن كلهن ، فجازاه الله بأن جعله للناس قدوة و إماماً يقتدى به ويحتذى حذوه ". وامتحانات الدنيا تحتاج منا وقفات صادقة نستخلص منها الفوائد والعبر ونتذكر امتحانات الاخرة التي غفل عنها أكثر الناس لا سيما أن هناك بوناً شاسعاً بين هذا وذاك !! امتحانات الدنيا في جزء من كتاب ، وضرب من ضروب العلم ، أما امتحانات الاخرة فنتيجته في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، قد حوى الأقوال ، وأحصى الأفعال ، وأحاط بالحركات والسكنات ، وألمّ بالخطرات والهنّات والزلّات ! امتحان الدنيا أسئلة محدودة في بعض مفردات الكتاب ، فلا يمكن للمعلم أن يسأل الطالب عن كل دقيق وجليل من محتويات المنهج ، وربما تدركه الشفقة فيحتار له من أسهل الأسئلة و أيسرها ، ولعلّه يراجع مع الطالب الإجابة قبيل الامتحان بأيام مساعدة له وتيسيراً عليه . أما امتحان الآخرة فالأسئلة حاوية لأطراف الحياة ، شاملة لدقائق العمر عن الأفعال .. عن الأقوال .. عن الأموال .. عن النيّات .. عن المعتقدات .. عن الأوقات .. عن الأمانات .. عن كل كبير وصغير وعظيم وحقير! امتحان الدنيا في جو مهيأ ، ومكان معد ، فالكراسي مريحة ، والأنوار ساطعة ، والمكيفات باردة ، و الأمن و الأمان يبسطان رداءهما على المكان أما اما امتحان الآخرة ففي جو رهيب ، و موقف عصيب .. أهوال عظيمة ، وكربات جسيمة ، و أحوال مفجعة ، ومناظر مدهشة ، ترتعد منها الفرائص ، وتقشعر منها الجلود ، وتنخلع لهولها القلوب ، وتشيب منها مفارق الولدان ! قال تعالى : " يوماً يجعل الولدان شيباً " القلوب واجفة ،والأبصار خاشعة ، والأعناق خاضعة ، والأمم جاثية على الركب تخشى العطب ، لِما ترى وتسمع من مهلكات وخطوب ، فالميزان منصوب ،والصراط مضروب ، والشهود تشهد ، والجوارح تفضح ، والصحائف تنشر ! امتحان الدنيا إن طال زمانه وامتد أوانه فهو سويعات قليلة.. أما امتحان الآخرة فهو في " يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ". المراقب في الدنيا مخلوق مثلك ، محدود القدرات ، معدود الإمكانات ، ينسى ويغفل ، ويسهو ويتنازل ، وليس بالإمكان أن يحيط بقاعة الامتحان . أما المراقب على امتحان الآخرة فهو الذي لا يضل ولا ينسى ، قد أحاط بكل شيء علماً ، ولا يخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة ، ولا يغيب عن بصره شيء من الأشياء في الأرض ولا في السماء . امتحان الدنيا مهيأ للغش والاستعانة بالآخرين والاستفادة من جوارحك وأركانك .. أما امتحان الآخرة فالكل شاهد عليك بالخير أو بالشر .. الأرض التي تقلك .. والسماء التي تظلك .. وجوارحك التي عملت من أجلها وملائكة الرحمن التي غفلت عنها ! النجاح في امتحان الدنيا مؤداه أن يرتقي العبد في مراتبها ويعتلي في درجاتها . أما نجاح الآخرة فهو الزحزحة عن النار ، والدخول إلى الجنة ، فضلاً من الله ومنة ! حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . قال صلى الله عليه وسلم : " والله ما الدنيا فى الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه – وأشار بالسبّابة- في اليم ، فلينظر بم ترجع ؟ " الإخفاق في امتحان الدنيا هيّن سهل ، فهو خسارة لدرجة أو مرحلة أو مرتبة من دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة .. أما الرسوب في امتحان الآخرة فخسارة الأبد ، وحسرة السرمد ، وألم ينفذ ، وندم لا ينقطع ، وعذاب لا ينتهي ، وعقاب لا ينقضي . في امتحان الدنيا تبقى هناك فرصة أخرى للتعويض وكرة ثانية للإعادة .. أما امتحان الآخرة فلا فرصة ثانية ولا كرة آتية .. فهي ذكرى لمن كان له قلب و ألقى السمع وهو شهيد .. وكما قيل لو أن الدنيا دارٌ يفنى والآخرة فخار يبقى لكان من الحماقة أن تؤثر الدر الفاني على الفخار الباقي !.. فكيف إذا كانت الدنيا فخار يفنى والآخرة درٌ يبقى !!.. نسأل الله أن يجعلنا من الفالحين الناجحين في الدنيا و الفائزين الناجحين في الآخرة إنه سميع مجيب...
الموقع
موضوع: بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة 
الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 16:51
