وكذلك
الشعوب قد تكون لا تثق في حكامها أو أن الكُره والبغض داخل قلوب هذه
الشعوب لحكامها .. ولذلك الإسلام حدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم لينظم
هذه العلاقة .
فان
الإمامة (الحكم) لها منزلة عظيمة لأن الإسلام جعل الحاكم إماما لهذا الشعب
فلابد له من أن يتحلى بهذه الصفة وجعل الإسلام في رقبته مسئوليه عظيمة
وليس هناك من خطر كخطر هذه المسئوليه الملقاة علي عاتقه كما أن الله خاطب
ولاة الأمور بقوله تعالي وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ سورة الحجرات ايه9
وطالب ولاة الأمور بأن يخشوا الله في رعيتهم وأن يكونوا خافضي الجناح لرعيتهم قال تعالي وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سورة الشعراء ايه 215
والأمر
ليس لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقط بل لكل من له متبوع ويتحمل مسؤليته
لأن الحكام منوط بهم حراسة الدين وكفاية الأمه .. فعلي ولاة الأمور أن
يعلموا أن الإسلام حدد لهم واجبات منها
1-
الحرص علي شعوبهم فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي
الله عليه وسلم قال (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الامام راع ومسؤل عن
رعيته.... ) متفق عليه
2- أن يحرص علي أن يكون صادقاً مع شعبه
3-
أن يكون أمينا علي شعبه ولا يغش شعبه يوماً فعن أبي يعلي معقل بن يسار رضي
الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عيه وسلم يقول ( ما من عبد يسترعيه
الله رعيه يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) متفق
عليه
4- أن ينصح لأمته دائما .
فعنه صلي الله عليه وسلم انه قال ( ما من عبد يسترعيه الله فلم يحيطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة )
5- أن يبذل كل وقته وجهده في سبيل رفعة شعبه وتذليل كل العقبات أمام عيشه كريمه لهذا الشعب .
فعنه صلي اله عليه وسلم أنه قال " ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة " رواه مسلم
6- أن يكون رحيما بهذا الشعب ولا يشق عليه في أي قرار من قراراته .
فعن
عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في بيتي
هذا ( اللهم من ولِيَ من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من
أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به ) رواه مسلم
7-
أن يأتي هذا الحاكم برضي شعبه وهذا الشعب يحبه وهو يحبهم وان يكون بأي
طريقه تختارها ألامه سواء كان " بالاقتراع السري النزيه - من أهل الحل
والعقد- أو بالشورى ..... الخ "
المهم ان يكون الحب هو اللي يجمع هذا القائد برعيته .
فعن
عوف بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول "
خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتُصلّون عليهم ويُصلّون عليكم وشرار
أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قال قلنا يا رسول
الله أفلا ننابذهم ؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة " رواه مسلم
8- يجب أن يكون العدل هو أساس حكمه قال تعالي
إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ النحل ايه 90
وقال تعالي:
وَإِذَا
حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ
نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا النساء ايه 58
وبشرا لهؤلاء الحكام اذا عدلوا فان الله عز وجل يجعلهم في منزله عالية في الدنيا والأخره .
فعن
أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال " سبعة يظلهم
الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ....." متفق عليه
وعن
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلي الله عله
وسلم " إن المقسطين عند الله علي منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم
وأهليهم وما ولوا " رواه مسلم
9- أن يطبقوا شرع الله بين الناس قال تعالي وَأَنِ
احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ
فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ المائدة 49
10- أن يكون قوياً في الحق ولا يخش الا الله .
هذه بعض الشروط التي لابد من توافرها في الحاكم في الإسلام وهو بذلك لم يطلب المنصب لنفسه بل يطلب هو لهذا المنصب .
فإذا التزم الحكام بذلك تنتقل الواجبات علي الأمة
والأمة هنا (الشعوب) مطالبه بأن تسمع وتطيع لهذا الحاكم وأن تأتمر بأمره ...ومن الواجبات عليها
1- السمع والطاعة له في غير معصية الله قال تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ النساء 59
وعن
ابن عمر رضي الله عنهما انه صلي الله عليه وسلم قال " علي المرء المسلم
السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصبه فلا سمع ولا طاعة " متفق
عليه
2- أن يحرص علي بيعته لهذا الحاكم فلا يخل بها ابداً .
فعن
ابن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول "
من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجه له ومن مات وليس في
عنقه بيعه مات ميتة جاهلية " متفق عليه
3- أن لا يذكر الحاكم بسوء .
فعن أبي بكره رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " من أهان السلطان أهانه الله " رواه الترمذي
4- أن تعمل الشعوب جاهده علي مساندته في الحق
5- أن يدعوا لحكامهم بالسداد والرشد .
والعلاقة
اذا توطدت بين الحاكم والمحكوم بهذه الطريقة فإن الأمه ستعيش في رفعة
وسترتفع رايتها وستعيش هذه الأمه بين الأمم عالية شامخة والبيعة بين
الحاكم والمحكوم تكون ميثاقاً وعقداً لا يُنقض من طرف من الأطراف
فها
هو ابي بكر رضي الله عنه يوقع العقد مع الأمه في أول خطبه ( كلمة تنصيب
الحكم ) له بعد خلافته في أول خطبه قال " أيها الناس قد وليت عليكم ولست
بخيركم فان أحسنت فأعينوني وان صدفت فقوموني .. الصدق أمانه والكذب خيانة
والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه والقوي فيكم ضعيف عندي حتي آخذ الحق
منه إن شاء الله .. لا يدع أحد منكم الجهاد فانه لا يدعه قوم إلا أخذهم
الله بالذل أطيعوني ما أطعت الله فان عصيت الله فلا طاعة لي فيكم "
وهذا
عمر بن الخطاب في خطبته الأولي يقول " إنما مثل الرب مثل جمل أنف اتبع
قائده فلينظر قائده أين يقوده أما أنا فورب الكعبة لأحملنكم علي الطريق "
وهو القائل " لو أن بغلة عثرت في ارض العراق لسُئل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق يا عمر "
ولذلك رآه أعرابي نائم بلا حراسه فقال " حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر "
الله اسأل أن يسخر حكامنا لتطبيق شرع الله وان يوطد العلاقة بين حكامنا وبين شعوبهم يارب العالمين .