نشأ يتيماً فكفله عمّه، وكان هذا العم ثريّاً، وأحبّ ابن أخيه وأغدق عليه العطاء
والدلال فعاش في رفاهية ورغد.
أسلم وعمره ست عشرة سنة وكان يخفي إسلامه عن عمّه وقومه خشية أن يؤذوه
بل كان يأمل أن يُسلم عمُّه . فلما تأخر إسلام عمه، وأراد أن يهاجر مع المهاجرين
عرض الإسلام على عمه الذي رفض الدعوة وغضب غضباً شديداً . وبقي الشاب
على إيمانه والعم على كفره. حتى قال الفتى: يا عم، لقد طال انتظاري لإسلامك وما
أرى منك نشاطاً. وردّ العم: والله لئن أسلمتَ لأنتزعن كل ما أعطيتُك، فقال الفتى:
إن نظرةً من محمّد أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها. فلما عزم الفتى على السير ليلحق
برسول الله صلى الله عليه وسلم جرّده عمّه من متاعه ولباسه، فناولته أمه بجاداً
(كساءً غليظاً)، فشقّه نصفين، وجعل أحدهما إزاراً والآخر رداءً. ووصل إلى المسجد
النبوي ليلاً وبات فيه. وحين جاء النبي صلى الله عليه وسلم رآه فسأله من أنت؟.
قال: أنا عبد العزى بن عبد نهم، وقصّ عليه قصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
بل أنت عبد الله. واشتُهر بعد ذلك بذي البجادين. وكان يَلزم بابَ النبي صلى الله عليه
وسلم.
وخرج في غزوة تبوك، وسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ادعُ لي بالشهادة
فقال: "اللهم حرّم دمه على الكفار". وأصيب يومئذ بالحمّى وتوفي رضي الله عنه هناك،
وعمره ثلاث وعشرون سنة، وحفر له أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وأنزله النبي
صلى الله عليه وسلم في القبر وقال: "اللهم إني أمسيتُ راضياً عنه فارضَ عنه". قال
عبد الله بن مسعود: يا ليتني كنت مكانه. لما أعجبه من هذا الدعاء.