هذه قصيدة من أجمل القصائد في الرثاء
لمالك بن الريب , وقد كان قاطع طريق يخشاه الناس لشجاعته وبأسه , حتى
طلب منه أمير خراسان حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ،
فأطاعه وحسنت سيرته حتى قتل في غزو , وقد قال قبل موته يرثي نفسه بهذه
الرائعة , وقد ذكر أن حية قد لدغته حينها , فقال هذه القصيدة وهو يجود بنفسه ..
ألا ليتَ شِعــــــري هــــل أبيتنَّ ليلةً ... بجنـب الغضَـى أُزجـي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَـه ... وليت الغضى ماشى الــرِّكـاب لياليـا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى ... مـــزارٌ ولكـنَّ الغضـى ليـس دانيـا
ألم ترَنـي بِعـتُ الضلالـةَ بالهـــــدى ... وأصبحتُ في جيش ابن عـــفّانَ غازيـا
وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد مـا ... أرانيَ عـن أرض الأعـــــــــاديّ قاصِيـا
دعاني الهوى من أهل ودي وصُحبتـي ... بـــذي ( الطِّبَّسَيْـنِ ) فالتـفـتُّ ورائيـا
أجبتُ الهـــــوى لمّـا دعانـي بزفـرةٍ ... تقنَّـــــــــــــعـتُ منـهـا أن أُلامَ ردائـيـا
أقول وقد حالتْ قُـــرى الكُـردِ بيننـا ... جــــزى اللهُ عمراً خيرَ ما كـان جازيـا
إنِ اللهُ يُرجعني مـن الغـــزو لا أُرى ... وإن قــــلَّ مالـي طالِبـاً مــــا ورائيـا
تقول ابنتيْ لمّـا رأت طــولَ رحلتـي ... سِفــــــــارُكَ هـذا تاركـي لا أبـا ليـا
لعمري لئن غالتْ خراسـانُ هامتـي ... لقــد كنتُ عن بابَـي خراسـان نائيـا
فإن أنجُ من بابَي خراســـان لا أعـدْ ... إليهـا وإن منَّيتُمـــــــونـي الأمانـيـا
فللهِ دّرِّي يــوم أتـــــــــــركُ طائـعـــاً ... بَنـيّ بأعلـى الـــــــرَّقمتَيـنِ ومالـيـا
ودرُّ الظبَّـاء الســــــانـحـات عشـيـةً ... يُخَبّـرنَ أنّـي هــــــــالـك مَـنْ ورائيـا
ودرُّ كبـيـريَّ اللــــــــــــذيـن كلاهـمـا ... عَلـيَّ شــــــــفيـقٌ ناصـح لـو نَهانيـا
ودرّ الرجـــــال الشاهـديـن تَفتُّـكـي ... بأمــــــــريَ ألاّ يَقْصُـروا مـن وَثاقِيـا
ودرّ الهـوى من حيث يدعو صحابتـي ... ودّرُّ لجـاجـــــــــاتـي ودرّ انتِهـائـيـا
تذكّــــرتُ مَنْ يبكـي علـيَّ فلـم أجـدْ ... سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيـا
وأشقرَ محـــــبوكـاً يجـــــــــرُّ عِنانـه ... إلـى الماء لم يترك لـه المـوتُ ساقيـا
ولمّـا تـراءتْ عـنـد مَــروٍ منيـتـــــي ... وخـلَّ بـهـا جسمـي وحـانتْ وفاتيــا
أقـول لأصحـابي ارفعـونـي فـإنّـــه ... يَـقَـرُّ بعيـنـيْ أنْ ( سُـهَـيْـلٌ ) بَـدا لِـيـــا
وقومـا إذا مـا استـلَّ روحي فهيِّـئـا ... لِـيَ الـسِّـدْرَ والأكـفانَ ثم ابكيا ليــــا
وخُطَّـا بـأطراف الأسـنّـة مضجَعـي ... ورُدّا عـلـى عـينـيَّ فَـضْـلَ رِدائـيـــــا
ولا تحــــسدانـي بـاركَ اللهُ فيكمـا ... من الأرض ذات العرض أن تُوسِعـا ليـا