يقول تعالى في كتابه الكريم”ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا، ان الله
لا يحب كل محتال فخور”، قد يجهل الكثيرين الفرق بين المختال والفخور، لذا خصص
هذا المقال لتوضيح الفرق بين الصفتين .
تفسير الفرق بين الكلمتين :
ذكر في كتاب التبيان : أن الاختيال مشية البطر،كما نقل أن: المختال المتكبر، والفخر ذكر
المناقب، ونقول أيضا أن المختال هو المتكبر،أما الفخر فهو ذكر المناقب بهدف التطاول
بها على السامع، ويقال : فخر يفخر فخرا وفاخره مفاخرة وفخارا، وتفاخرا تفاخرا وافتخر
افتخارا.
وقد قيل في الأمثال أن الفرق بين كلمتي المختال والفخور هو أن المختال إشارة إلى
التخيلات الذهنية للكبر والعظمة، أما الفخور فهي تشير إلى أعمال التكبر الخارجي ويشير
لقمان الحكيم إلى صفتان مذمومتان للغاية وقطع الروابط الإجتماعية الصميمية هاتان
الصفتان : إحداهما التكبر وعدم الاهتمام بالآخرين أما الأخرى فهي الغرور والعجب بالنفس.
تشترك الصفتان في أنهما يدفعان الإنسان إلى عالم من الخيال ونظرة من التفوق على
الآخرين، مما يؤدي إلى إسقاطه في هذه الهاوية، ويتسبب هذا في قطع علاقته بالآخرين
وعزله عنهم، خاصة وأن الأصل اللغوي لكلمة “صعر”يتضح أن مثل هذه الصفات مرض
نفسي وأخلاقي، كما أنها تعد نوعا من الإنحراف في التشخيص والتفكير، والإنسان السوي
نفسيا وروحيا لا يبتلى أبدا بمثل هذه الظنون والتخيلات.
لم يكن غرض لقمان الإعراض أو المشي بغرور فقط ،وانما كان المراد محاربة جميع مظاهر
التكبر والغرور، والأصل في الكبر هو احتقار الغير باستصغار وازدراء، ويجب أن يعلم كل
إنسان أنه لا يليق بمخلوق أن يتكبر على أخ له ومساويه ،وكل منهم أصله من نطفة صغيرة،
وقد روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه (عجبت لابن آدم أوله نطفة وآخره جيفة
وهو قائم بينهما وعاء ثم يتكبر…)
طرق التخلص من التكبر :
1- الدعاء لله تعالى :
حيث أن الدعاء يشعر العبد بحاجته ،إلى الله تعالى والذل إليه والصغر أمامه، والدعاء
بحد ذاته يشعر الفرد بالحاجة، الى إتمام ما ينقصه وتحقيق ما لا يقدر على انجازه، يقول
الله تعالى في كتابه الحكيم: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”(سورةغافر/الاية 60)، وقد لا يستجيب الله تعالى
لعبده رغم إكثاره بالدعاء ، كي يظل العبد في حالة الحاجة ،والتي تجعله يلح في الدعاء
ويتضرع الى الله و يقضي على مواطن التكبر في نفسه.
2- الصلاة :
عندما يكون الإنسان في حال الصلاة يكون في أعلى مراتب الخشوع لله ، حيث يشعر
أن هناك من هو أعظم منه و يشعر بحاجته للاتصال بالله الواهب المطلق و يسمو على
الدنيا الزائلة، وشعوره بهذا الإحتياج يشعره بالغنى من كل شيء،وبالتالي لا فإنه لا يوجد
لديه أي حاجة للتكبر والتعالي على أحد لأنه ليس بحاجة للتكبر، وقد ورد في الأحاديث
أهمية الالتزام بالصلوات المستحبة وعدم الاقتصار على أداء الصلوات الواجبة، لتكون العلاقة
بين العبد وربه متينة ومتواصلة .
3- الإحسان :
تفتح هذه الصفة أمام الانسان باباً واسعا، من الإحساس بالآخرين، وتعطيه آفاقا واسعة في
العلاقات الاجتماعية، وتنمو عنده نزعة لقضاء حوائج الناس ومساعدتهم كما أنه يشعر
بالارتياح والسعادة اذا قضى أمرا لمحتاج، وهذه الخصلة الاجتماعية الحميدة والمقبولة تحمل
الانسان الذي يحدث نفسه بالعلو والكبر، أن يتقرب وينحني الى أشخاص دون مستواه تفعيلا
لنظرية : (ارحم من في الارض يرحمك من في السماء).